الملك فيك وفي بنيك وأنه |
|
حق من الآباء للأحفاد |
وأمانة التاريخ في أعناقهم |
|
من عهد بابل يوم نهضة عاد |
وذوي حمورابي وآل سميذع |
|
وبني معين وحمير وأياد |
وفيما تكاثفت عليه ظلمات الأعصار ، وطمرته أتربة النسيان ، وغمرته سواقي الزمان ، وزوابع الطغيان ، ولم يبق منه غير (نوء مثل خط بالقلم). من ذلك الماضي المشرق ، والشرف المؤنق ، والفخر التالد ، وما يشبع رغبات الباحثين ، وسد فراغ الخزائن ، ويسدي إلى التاريخ والإنسانية أعظم منه.
فمما لا شك فيه أن اليمن كانت لها حضارة موغلة في إثباج الماضي ، وأنها سبقت مدنية الإ غريق والرومان في تشييد الصروح والقصور والمعابد وتجميلها بالزخارف والنقوش والتهاويل ، وأن سبأ ومأرب كانتا محط رحال النوابغ ، ومثابة لرجال الفنون كالبنائين والحفارين والمصورين ، وان فن العمران بها كان قد سبق زمن (اقليدس) أستاذ الهندسة الأكبر كما يستفاد ذلك من أطلالها التي تدل بنقوشها أنها كانت قبل أن يعرف العالم أقليدس (١).
كانت اليمن وعرف وجودها قبل أن تشاد بيوت النيران ، ومعاقل الأوثان ، وبيع الصلبان ، وأديار الكهان ، قبل أن يبني خوفو (٢) هرمه العظيم ، ويؤسس سرجون (٣) الأول دعائم ملكه بالبحر المتوسط وجزر اليونان ، ويخرج موسى ببني إسرائيل من أرض الفراعنة : كانت شريعة
__________________
(١) اقليدس ابو الهندسة ومؤسس مذهب البحث العلمي وإليه يرجع الفضل في جعل عصر سيدة بطليموس سوتر ، عصر نفوذ رياضي عظيم ، وبطليموس هو مؤسس دولة البطالسة في مصر بعد الاسكندر سنة ٣٢٣ قبل الميلاد.
(٢) خوفو من الملوك الفراعنة الذين بلغت مصر في عهدهم شوطا بعيدا في المدنية.
(٣) سرجون الأول الآشوري أول من أسس ملكا ساميا كبيرا في أرض باجل سنة ٢٨٠٠ ق. م.
وامتد نفوذه إلى البحر الأبيض المتوسط وانتقل إلى الجزر اليونانية ، وسيأتي الكلام على الآشوريين عند ذكر الهجرات القديمة.