أن اليونانيين أخذوا الكتابة عن الفينيقيين وأخذ عنهم الرومانيون ، فيكون العرب هم الذين أوجدوا الكتابة في العالم ، وبهذا الاعتبار هم الذين أوجدوا المدنية.
ونقل عن المستشرق «هرمل» نقلا عن الانسيكلوبيدية «دائرة المعارف الاسلامية أن اليونان أخذوا عبادة «أبولون» وأمه «ليوتو» عن العرب ، وقال «روبيرتسون سميث» أن «ليوتو» هذه هي اللات ، وأن اليونانيين بحسب رأي بريتوريوس أخذوا بعض أحرفهم عن كتابة عرب اليمن والبعض الآخر عن الكنعانيين.
وقال هومل أن جنوبي بلاد العرب كانت فيه مدينة في أوائل الألف قبل المسيح بالغة الحد الأقصى من الازدهار بما تركته من معابد وحصون ومحافد وقصور ومكتبات.
(١) فاليمن إذن مهد الديانات ووطن الأساطير ، عانقت الصابئية الأولى ، واحتضنت المجوسية ، كما حمت الوثنية وتغلغلت في جنباتها اليهودية ، وربت فيها المسيحية : دحرت الرومان ، وقهرت الغزاة ، ولفظت الأحباش ، وهضمت الفرس ، وخرجت من معارك الدهر وصراع القرون عربية إسلامية (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ).
فانها لم تلبث الوثنية أن خنست ، كما تخاذلت المسيحية ، وانكمشت اليهودية ، كما تراجعت المجوسية ، وأصبحت هذه القطعة المباركة وزر الأمن ، ومعتصم السعادة ، منبع الحكمة ، ومقر الإيمان ، والمحل الذي منه يأتى نفس الرحمن ، كما أخبر بذلك من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم القائل : (الإيمان يمان والحكمة يمنية) ، هكذا صح عن سيد ولد آدم
__________________
(١) الحكمة : العدد ١١ ، السنة الثانية ، المجلد الثاني ، رمضان ١٣٥٩ ه (اكتوبر / نوفمبر ١٩٤٠ م) ص ٣٢٨ ـ ٣٣٣.