اللّذات وصار أمره في يد إمرأة ، وأنت أكبر ملوك اليمن وأحب الينا من بني الصّليحي فان رأيت أن تنهض إلى ذي جبلة من تهامة ، ونحن من الجبال فافعل ، فطمع الحبشي بهذه الأماني المعسولة ، ونهد من زبيد في ثلاثين ألفا من العبيد ، وكانت السّيدة قد أحكمت التدبير ، وكتبت لأسعد بن شهاب وعمران بن الفضل أن يهرعا الى زبيد فنزلا في ثلاثة آلاف فارس فدخلاها بعد خروج سعيد الأحول منها وهرب من بها من بني نجاح فلحق جيّاش بن نجاح بالهند ، وكان من خبره ما سيأتي.
وسار سعيد الأحول نحو الحسين (١) بن التّبعي فلما قارب حصن الشعر انقض عليه الجيشان أصحاب بن التّبعي ومن ألحق به من جنود السيدة :
وما هي إلّا دعوة واجابة |
|
ان التحمت والحرب بكر وتغلب |
فأبصرت ما لم تبصرا من مشاهد |
|
ولا شهدت يوما معدّ ويعرب |
فقتل الأحول وأصحابه ، ولم ينج منهم إلّا الشريد ، وكانت أم المعارك زوجة سعيد الأحول معه بهذه الحرب فاحتزوا رأس زوجها وحملوه أمام هودجها كما فعل زوجها برأس علي بن محمد الصليحي مع زوجته أسماء بنت شهاب.
ولما وصلوا بالرأس وتلك المرأة البائسة إلى الحرة السيدة فرحت بذلك ، وأوغلت في الانتقام ولجّت في التشفي وأمرت بنصب الرأس تحت طاقة أم المعارك وتمنّت لو أن مولاتها أسماء بنت شهاب حيّة لترى هذه الفعلة النكراء ، ولأن كان ذلك العبد قد رأى الخرق مغنما والتجاوز مغرما حيث بدا بفعلته الشنعاء فإنّ الحرة اسماء لم تحسن بما فعلته صنعا ، والتشفي طرف من العجز ، وهو خلق [في](٢) المرأة طبعا ، وقديما كانت المرأة السّبب
__________________
(١) الخزرجي وأنباء الزمن وقرة العيون.
(٢) زيادة من عندنا.