الأول لإثارة الحروب العاصفة والغارات الجارفة ، أيام العرب بما تثير في النفوس من أحقاد تنوسيت ، ولكن المرأة لا تنسى وهل المرأة إلا المرأة منذ وجد الانسان إلى أن تقوم الساعة :
فلا تحسبن هندا لها الغدر وحدها |
|
سجيّة نفس كل غانية هند |
ولما قتل سعيد الأحول ولّى المكرم أسعد بن شهاب على زبيد فسلك طريقته المعروفة من الرّفق وحسن المعاملة ، وهرب جياش بن نجاح إلى الهند ، ورافقه وزيره خلف بن أبي طاهر الأموي ، فلبثا في الهند تسعة أشهر تزوج جياش في أثنائها بجارية هندية ، ثم رجعا الى اليمن آخر سنة ٤٨١ والجارية الهندية في خمسة أشهر من حملها ، ولما وصلا إلى عدن قدّم جياش وزيره الأموي الى زبيد ، وأمره أن يظهر في الناس موت جيّاش بأرض الهند ، ويستأمن لنفسه ، ويستقري أخبار موالي آل نجاح ، وأقاربهم ومن تربطه بالدّولة النجاحية رابطة حب وولاء ، وسار الأمير جيّاش إلى ذي جبلة متنكّرا في زي الهنود يتنسّم أخبار المكرم ، وبعد ان وقف على ما يهمّه الوقوف عليه من أمر عدوّه ، هرع إلى زبيد ودخلها متنكرّا أيضا ، فاجتمع بوزيره الأموي وأخبره عن مواليه ، وذي قرابته بما سّربه ، وفتح له باب في استرجاع مجدهم الذّاهب ، ولم يزل يدأب هو ووزيره حتى جمعا من الأحباش خمسة الآلاف حربة ، وكان يأوي بجوار الدّار السلطانية ويقصد مصطبة علي بن القم في كل صباح قال : فسمعته يوما وهو يقول : والله لوجدت كلبا من آل نجاح لملكته زبيد وكان ابن القم وزيرا لوالي المكرم الأمير أسعد المذكور ، ثم انه اتصل بعلي بن القم ، وولده الحسين بن القم الشاعر المشهور (١) وهو على حال تنكره ، وكان اتّصاله بهما بواسطة لعب
__________________
(١) هو ابو عبد الله الحسين بن علي بن القم كان شاعر الدولة الصليحية له ديوان شعر منه نسخة لمكتبة بريطانيا توفي نحو سنة ٤٨٠.