الشطرنج قال فلما أراد الله تعالى رجوع الأمر إليّ لعبت أنا وحسين بن القم وليس معنا إلا أبوه على سريره ، وهو يعلّم ولده ، فتراخيت له حتى غلبني قصدا للتّقرب إلى قلب والده فطاش الحسين بن علي من الفرح وسفه عليّ بلسانه فاحتملته لأبيه ، فمد يده إلى الخرقة التي كانت على عيني : ـ (وكان قد جعل هذه الخرقة على عينه لئلّا يعرف وتشبه بأهل الهند) ـ فاحفظني ذلك ، فقام أبوه فقبّح عليه فعله ، وقمت مغتاظا ، فعثرت فقلت أنا جيّاش بن نجاح على جاري عادتي ، ولم يسمعني إلّا الشيخ علي بن القم فوثب مسرعا خلفي يجرّ رداءه ، حتى أدركني فأمسكني وأخرج المصحف ، وحلف لي بما طابت به نفسي ، وحلفت له ، وليس معنا أحد ، ثم أمر باخلاء دار الأغر بن الصليحي ، وفرشت ونقلت إليها الجارية الهندية ، فلما كان الليل اتاني علي بن القم وقال : خبرنا لا يخفي على أسعد بن شهاب ، فقلت له أن معي بالمدينة خمسة آلاف حربة (وفي تلك اللّيلة وضعت الجارية الهندية الفاتك بن جياش) وكان قد رأى الحسين بن سلامة وأخبره أن أمره سيعود إليه ليلة ولادة الجارية) فقال قد ملكت فاكشف امرك قال جياش : اني أكره قتل اسعد بن شهاب لأنه طالما قدر على أهلينا وذرارينا ، فعفا عنهم وأحسن إليهم ، فقال ابن القم : فافعل ما تراه ، فأمر بضرب الطّبول والأبواق وثار معه كافة المدينة وخمسة آلاف من الحبشة واسر ابن شهاب ، فلما حضر اليه أكرمه جيّاش وأولاه خيرا وسيره بجميع ما يملك من خيل ومال ، وعاد ملك آل نجاح كما كان قال الديبع في كتابه بغية المستفيد (١) : وكان جياش يلقب بالملك العادل ويكنى بأبي طامى وكان فاضلا وله شعر رائق وترسل فائق ، وهو مصنف كتاب «المفيد في أخبار مدينة زبيد» وهو كتاب متسع الإفادة عزيز الوجود ومن شعره :
اذا كان حلم المرء عون عدوّه |
|
عليه فإن الجهل أبقى وأروح |
__________________
(١) بغية المستفيد ص ٥٤.