وعزمه على النزول ، كتب إليه لا يغشاه بالنّاس ، وإذا كان يريد الاتفاق فسيلقاه إلى موضع يعيّنه الإمام لشدّة لحقت البلاد يومئذ ، ولكن الإمام أغضبه اقتراح الدّعام ، فنزل من برط ، وبات بالمراشي ، وسار إلى خيوان وعزم ان لا يطأ بلاد الجوف إلّا وقد تقلّص ظل كل نفوذ فيه لغيره وسار إلى بلد بني ربيعة ، وكانت قد استدعته قبائل خولان (صعدة) فسار إليهم ، وكل ما مرّ بقبيلة من القبائل تلقوه بالسّمع والطاعة ، وكذلك فعلت خولان ، وكان أهل الحقل وبعض رجال من غيرهم قد تآمروا على صدّه من إجتياز الحقل وإعلان الخلاف والتمرد ، وسبب ذلك خوفهم مما سبق منهم إلى الأمير المحسّن في حياته ، وبعد وفاته ، ثم ما لحقهم من مقام الإمام علي بن زيد ، فصاروا لا يسمعون بقائم من أهل البيت إلّا وايقنوا انه يهتك استارهم ، ويخرب ديارهم ولما علم الشرفاء بنو الهادي بما أئتمر به أهل الحقل ندبوا لقتالهم بني جماعة فلبّت بنو جماعة وطلبت نزول الإمام في بلادهم ، فتحول الإمام إليهم ، ولما عزموا على الخروج لقتال أهل الحقل ، وتأكد أهل الحقل ذلك ، عدلوا الى استخدام المال ، وارسلوا الرّؤساء بني جماعة بشيء من الحطام ، فرجعوا عن عزمهم ، وتخاذلوا عن نصرة الإمام ، وتركوه فسار عنهم إلى نجران ، وصادف في طريقه من المشكلات ما ينوء بحمله أفذاذ. الرجال ، وكل هذه الحوادث في السنة الأولى من دعوته. (١)
ودخلت سنة ٥٣٣ لم يكن هذا العام أسعد طالعا على الإمام ودعوته من العام الماضي ، ولكنه ظل مثابرا بهمة لا تعرف الملل ، وعزيمة تهزأ بالخطوب ، فأقام بنجران شهر صفر وربيع من السنة ، وجاءته قبائل من همدان وجنب يحرّضونه على الانتقام لهم من بني الحارث النجرانيين ، فلم
__________________
(١) سيرة الامام المتوكل على الله احمد بن سليمان واللآلىء المضيئة (ص). (قلت) وقف المؤلف على سيرة المتوكل احمد بن سليمان ومعه من الكتب التاريخية النادرة ولا أعرف من مخطوطاتها سوى قطعة لمكتبة جامع صنعاء وهي من تأليف العلامة سليمان بن يحيى الثقفي.