يلتفت إلى ما راموه ، وقال لهم : أنا أطلب قوما إن أمرتهم ائتمروا ، وإن نهيتهم انتهوا ، في كل وقت ، ولستم بهذه الصّفة ، وما لبث أن وافته كتب الرّبيعة يستدعونه ، ويعدونه النصرة ، فتحول إليهم ، ومرّ ببلاد وادعة ونزل على الشيخ عمر بن احمد اليرسمي ، وحضرت إليه قبائل وادعة معتذرة عن تثاقلها عن نصرته ، فعذرهم وسار إلى بلاد الربيعة (١) ، وكانوا في حرب مع بني مالك (٢) ، فلما اقترب منهم الإمام خاف أهل الحقل أن يميل إليه أحد الفريقين المتحاربين ، وبذلوا الأموال في سبيل الصّلح بينهم ، حتى تم لهم ما أرادوه ، وكان فيه القضاء على آمال الإمام ، فقد تنكرت له الربيعة ، واخلفته ما وعدت ، وكذلك غيرها ممن بايعه ، والسّبب في تلون القبائل الآخرة (٣) ، دعايات قام بنشرها بعض رجاله الذين قد بايعوه وشهدوا بإمامته ، ولكنهم خافوه على مناصبهم التي كانت تدرّ عليهم الأموال باسم الزكاة (٤) ونحوها ، فلم ييأس ، واستمر على نشر دعوته بمختلف الوسائل ، وأقام بحيدان ، وأمر بعمارة هجرة بموضع يقال له الجحفات بوادي حيدان ، ثم انه حشد القبائل ، فاجتمع له منهم زهاء ألف رجل وسار بهم يريد الحقل ، فلما بلغ بهم ساقين اقترحوا عليه أن يرسل للرّبيعة لتنظم إليهم ، فراسلهم الإمام ، وأوفد إليهم جماعة من الشرفاء والمشائخ ، فلم يلتفتوا إلى وفده ، ولا احسنوا ردّه ، رغما على ما بذله لهم من الأموال ، فلما عاين من معه إمتناع الرّبيعة ، تخاذلوا عنه ، ورجعوا أدراجهم ، فنزل على بني بحر ، وأرادهم على القيام معه
__________________
(١) الربيعة قبائل من أسفل نجران انظر صفة جزيرة العرب ص ٢٢٨.
(٢) قبائل ومواضيع من تلك النواحي (المخلاف السليماني).
(٣) كذا أو لعلها «الأخرى».
(٤) قلت كان من أكبر من جاهر الإمام احمد بن سليمان العداء هم طائفة المطرفية الذين لم يعترفوا بامامته ورأوا فيه عدم الكفاءة ، وكان المطرفية قد قوي نفوذهم في ذلك الوقت وأصبح لهم هجر وشيوخ علم لا تعترف بالإمامة قط. حين رأى منهم الإمام عبد الله بن حمزة الخطر الداهم على قواعد الإمامة فقام بحربه المشهورة عليهم كما سيأتي.