خيلا ورجلا وتحصّن بهم في حصنه وكان منيعا فحاصره الإمام وضيّق عليه وما زال أصحابه يتقرّبون من درب حصن أسعد حتى أقتحموه فاستسلم من فيه ، وطلبوا الأمان فأمّنهم الإمام واخرجهم بنفوسهم لا غير ، وأمر بأخذ ما كان في الدرب من أثاث وبقر وطعام ، وغير ذلك ثم أمر بهدم الدّرب وإحراقه ، فلما نظر أسعد ما حلّ بالدّرب ، ومن فيه طلب الأمان والذّمة لوصوله إلى الامام فأمنه ، فلمّا مثل بين يديه حلف له يمينا على عدم العود ، وكان قد سبق منه مثل ذلك ، فقال الإمام : لقد استبطأت انتقام الله لهذا على الإيمان التي يحلفها ويفجر فيها ، وعاد الإمام إلى الجوف ، وأقام فيه إلى سنة ٥٥٥ وفيها نهض لحرب الشريف وهاس بن غانم ، فانتقل إلى الجبجب ومعه الشريف قاسم بن غانم ، وطلب قبائل يام ووادعة ، وهمدان ونجران ، فلما وصلوا ، وهمّ أن يتقدم ، قالوا له : ان الطريق على خولان ، فإن نهضت خولان نهضنا ، وكان الشّريف وهاس قد أرسل بمال لخولان فتقاعدوا عن نصرة الإمام ، وتعذّر عزم تلك القبائل معه لإمتناع خولان فتحوّل الإمام إلى بلاد عنز (١) وخثعم ، فمرض هنالك ، واعتذر للأمير قاسم بما كان ، ورجع إلى الجبجب مريضا ، وبلغه ان جماعة من صعدة تظاهروا بشرب الخمر ، فأمر من يأتي بهم إليه فأمتنعوا ، وأظهروا الفساد فقصدهم الإمام ولما أظهروا المقاومة والإمتناع ، حاصرهم حتى ضاقت بهم الأقوات ونفد ما معهم ، فخرجوا إليه مستسلمين ، وسلّموه مفاتيح دروبهم ، وطلبوا منه العفو فعفا عنهم ، وكانت مدة الحصار سبعة أشهر.
ودخلت سنة ٥٥١ فيها قتل القائد سرور صاحب زبيد بمسجده أثناء صلاة العصر ، وبقتله ختمت دولة العبيد ، وكان الذي قتله رجل من أصحاب علي بن مهدي وإليه ينسب مسجد سرور بمدينة زبيد ، وكانت ولايته الوزارة سنة ٥٣١ وقد ترجمه الخزرجي واطال في الثناء عليه ، قال الجندي : وقد
__________________
(١) عنز : سبق ذكرها وفي صفة جزيرة العرب ص ٢٣٠ بالقرب من بيشة وجرش.