أن الحق معهم :
فما لهم غير الدماء مشارب |
|
وما لهم غير النفوس مطاعم |
كأن الوغى قد صار في أنفس الورى |
|
هياما فمن يقتل يمت وهو هائم |
قال الخزرجي (١) : انه لما رجع ابن مهدي من مدينة ذي جبلة من عند الداعي سبأ بن محمد بن سبأ الى حصن الشّرف سنة ٥٤٧ (٢) ، دبّر علي قتل القائد سرور الفاتكي ، فلم يزل يرصده حتى قتله سنة ٥٥١ ، فاشتغل رؤساء الحبشة بالتنافس والتحاسد على مرتبته ، وكانت الحرة علم قد توفّت قبله سنة ٥٤٥ ، فانفتح على أهل الدولة بعد القائد سرور باب الشّر المسدود ، وانحل عقدها المشدود ، ففارق ابن مهدي حصن الشرف ، وهبط الى الدّاشر ، وبينه وبين مدينة زبيد أقل من نصف يوم فتقرّبت الرعايا إليه ، وعرب البلاد ، وهم الذين كانوا رعايا الحبشة ، فكان الرّجل من أصحاب ابن مهدي يلقى أخاه أو قريبه أو معروفه ممن هو من رعايا الحبشة ، سواء كان راعي ماشية أو حارس ضيعة فيفسده ، ولم يزل الأمر على ذلك إلى ان زحف ابن مهدي بجموعه الى باب المدينة في جيوش لا تحصى كثرة ، وحدث غير واحد من أهل زبيد ممن أدرك الحصار ، قالوا : لم تصبر أمّة على الحصار والقتال ما صبر عليه أهل زبيد ، وذلك انهم قاتلوا ابن مهدي اثنين وسبعين زحفا ، يقتل في كل زحف من عسكره مثل ما يقتل منهم ، وصبروا على الضّر والجوع ، حتى أكلوا الميتة ، من شدة الجهد ، ثم انهم استنجدوا بالإمام أحمد بن سليمان ، قال في سيرة الإمام ، ما خلاصته : أنه لمّا وصل إلى اشيح ، اقام به شهرا ووصله ولد لأحمد بن محمد بن الخضر الخولاني ، صاحب حصن قوارير (٣)
__________________
(١) العسجد المسبوك ص ١٣٤.
(٢) في العسجد (نسخة وزارة الاعلام المطبوعة) سنة ٥٤٩.
(٣) يتردد ذكره وهو حصن كبير في وصاب السافل قال الحجري حرب منذ زمن قديم ويعرف الآن بالمكعل.