بوصاب شاكيا ما لحقهم من ابن مهدي ، وذلك انه خطب إليهم فتاة لهم فلبوه ، فطلع إليهم في ثلاثة آلاف من أصحابه ، جعلهم تحت الحصن ، ودخل على إمرأته في ثلاثمائة رجل منهم ، فلما تمكنوا من الحصن شهروا سيوفهم وذبحوا من فيه من صغير وكبير ، ذكر وانثى ولم يبقوا إلّا على أربع عشرة امرأة منهن صهرته وبناتها فسباهن ، وأخذ جميع ما في الحصن من الأموال ، وكان معه قوم من رازح (١) يقال لهم بنو منّبه زادوه جرأة ، فغضب الإمام لذلك ، وعزم على الانتقام من ابن مهدي فحشد قبائل جنب وتألف رئيسهم زيد بن عمرو ، وغيره من المشائخ بالمال ، فنهضوا معه وقصدوا زبيد (٢) فباتوا بها ليلة ، وتقدّموا إلى الجليب تحت حصن قوارير ، وأمسوا هنالك ، ولما أصبحوا ، أرسل الإمام جماعة للكشف عن ابن مهدي ، فتقدمت طليعة إلى محله فوجدوه في نفر قليل ، ولم يكن قد علم بوصولهم ، وعادوا إلى معسكرهم يحثون أصحابهم على مباغتة الرّجل وانتهاز فرصة غفلته ، فقال لهم شيخهم جابر بن عبد الله الجنبي : ان كنتم تريدون أموال أهل زبيد ، فدعوا ابن مهدي إلى أن تفرغوا من زبيد وهو لكم من بعد ، وان لم تكونوا تطمعون في زبيد ، فخذوا ابن مهدي ، وخذّلهم فتواصوا على كتمان الخبر عن الإمام وباتوا آمنين ، ولكن ابن مهدي انتبه لهم سريعا ، وبيّتهم تلك فما استيقظوا إلّا من وقع السيوف ، وثبت الإمام في جماعة من أصحابه ، وحملوا على ابن مهدي ، فانهزم ، وقتل جماعة ممن معه ، ولما أصبح الإمام أراد أن يتقدم إلى موضع ابن مهدي فامتنع عليه أصحابه وأبوا إلّا قصد زبيد فساعدهم وسار إلى زبيد ، وضرب مضربه بباب التبارق ، وقد ظفر جنده في طريقهم بقافلة لا بن مهدي تحمل حبّا وسمنا ، فنهبوها ،
__________________
(٢) قلت : هذه المعلومات المهمة التي يوردها مؤلف الكتاب عن سيرة الإمام المتوكل هو مما ينفرد به ولا توجد في سائر كتب التاريخ اليمنية المعروفة.
(١) رازح : أحد أقضية لواء صعدة يضم عدة قرى.