مهدي وقتل منهم خلق كثير ، وأسر وغنم ودخل ذي جبلة ، فلم يجد بها أحدا من عسكر ابن مهدي ، وكانوا قد هربوا ليلا ، وانحاز بعضهم إلى دار الحرة أروى بنت علي بن محمد الصليحي ، فاستولى عليها السلطان علي بن حاتم وأجار الحرة ، وجميع من معها من عسكر ابن مهدي وغيرهم ، وما معهم من أموال وخيل وسلاح ، وبقي بها مدّة ، ثم نهض بعسكره إلى الجند ، فوجدها خالية من العسكر والرّعايا فدخلها بعض العسكر ، وأقام السلطان علي بن حاتم خارج المدينة ، وبلغه أن عبد النبي في حصن تعز ، وقد اجتمع إليه أصحابه فخف علي بن حاتم ومن معه لمهاجمة تعز ، فلما دخل المدينة وجد عسكر عبد النبي قد اجتمعوا إلى ذي عدينة (١) ، فوقع القتال الشديد بين الفريقين ، فكانت الدائرة على أصحاب ابن مهدي ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وعقر من خيلهم شيء كثير ، وأخذ منها نحو مائة فرس ، ونهب من سلاحهم ، وعددهم شيء كثير ، ونهبت ذي عدينة يومئذ نهبا عظيما ، وكان عبد النبي بن مهدي في أعلا حصن تعز على سطح من سطوحه وراء كتيبة تبرق ، فقال : ان صدقني ظنّي فهذا علي بن حاتم فقيل له : نعم تلك كتيبة همدان فأنشد متمثلا :
واعلم بني بأن كل قبيلة |
|
ستذلّ ان نهضت لها قحطان |
ثم رجع السلطان علي بن حاتم في أصحابه الى الجند وأخرب دار المملكة في الجند التي عمرها السلطان محمد بن سبأ بن أبي السعود ، ووافته الأنباء بأن العسكر الذي كان بالرعارع (٢) محاصرا لعدن من قبل ابن مهدي قد هربوا فأراد ان يهبط تهامة ، فلم تطاوعه قبائل جنب على ذلك وتفرّقوا عنه ، وكتبوا لإبن مهدي :
رحلنا وخلّفنا السلاطين خلفنا |
|
فدونك يا عبد النبي عشاكا |
__________________
(١) احد أحياء مدينة تعز.
(٢) الرعارع : مدينة كانت عاصمة مخلاف لحج أيام الزريعيين وهي اليوم خراب.