اليمني وقد أراد بها أن تكون درسا عمليّا وتشريحا دقيقا لجسم الأمة عبر أطوارها التاريخية المتعدّدة ، وما اعتراه من أدواء متعمقة ، وأمراض نخرت في كيانه على إثر تفشّي الحكام المسيطرين الذين نهشوا جسمه وتركوه جثة هامدة لا تقوى على حراك.
وقد كان للشهيد أحمد المطاع رسالة وطنية عظيمة ، وفكر إصلاحي ثائر ، يأخذ عليه كل كيانه لم يستطع المجاهرة به في ظل الحاكم المسيطر ، فما كان منه إلّا أن جعل من دراسة التاريخ ستارا يندرج تحته ويبني في أجوائه علمه وما أراده من قول.
فكان هذا الإنتاج الكبير الذي بين يديك ، وهو ثمرة لجهد كبير ، تكاتف على القيام به نخبة من مثقفي اليمن ، ومفكريها في ذلك الوقت ، وهو ثمرة حيّة لمدرسة الحكمة التي تصدّرها الاستاذ احمد عبد الوهاب الوريث ورفقاؤه ، وكانت تنتج وتؤلف تحت رعاية الأستاذ عبد الله بن يحي بن محمد الذي شارك شهيدنا المطاع السيف والموت ، وكان الرجل قد رحل إلى مصر وشجّع نشر بعض الكتب اليمنية وتحقيقها فحقق اديبنا المطاع تحت نظره عطر نسيم وهو أول كتاب تراثي يقوم بتحقيقه باحث يمني في العصر الحديث ، وفي مصر كلّف الأستاذ محب الدين الخطيب بتحقيق الجزء العاشر من الإكليل وطبعه على نفقته ، ثم ترجمة كتاب رحلة ابونتى إلى اليمن ونشرها في مصر. وغيرها ثم تكونت لجنة التاريخ سنة ١٣٥٦ ه لجمع شتات التاريخ اليمني ولمّ مصادره في تدوين شامل أضطلع به أعلام من اليمن في ذلك الوقت ، كان على رأسهم المؤرخ اليمني المعروف محمد بن محمد زبارة والأستاذ احمد بن عبد الوهاب الوريث والشهيد احمد المطاع والاستاذ عبد الله بن محسن العزب والاستاذ عبد الله بن عبد الكريم الجرافي ، وقد تقسموا أدوار التاريخ وعصوره.
فأخذ الأستاد احمد بن عبد الوهاب الوريث تاريخ اليمن قبل الإسلام.