يحتذى بالصالح منها ويبتعد عن الطالح منها «فجلال التاريخ وعلوّه إنما هما لما يستفيده الناظر فيه من آداب وأخلاق ، وتعاليم سياسية ، وعرفان بمبادىء الأمور ومصائرها وتطورها».
وفي غمار بحثه في التاريخ يبحث عن موقع الأمّة والشعب في خضم الأحداث العاتية ، وسيطرة القوي على الضعيف ، فالتاريخ اليمني في عمومه عبر متكررة من تلك المآسي الدامية ، وها هو الشّعب الذي لا يملك من أمره شيئا وقد «تسلطن الأتابك وتحكمت المرأة ، ولكل واحد من هؤلاء المتسلطنين وجهة هو موليها ، فبعضهم كان يرهق الأمة باسمه وبعضهم باسم الخليفة وآخر باسم صاحب مصر الأيوبي ، وهكذا دوائر الفوضى وأزمنة الإنحلال».
وبقدر ما نعم الملوك برغد العيش وسلطان الجاه ازداد الشعب بؤسا : «ولا شك أن إفتتانهم في بناء القصور ومظاهر النعيم ووسائل الترف حمّل البلاد والرعية أوزارا باهظة ، وأحمالا لا تطاق ، وكلما انغمس الولاة في البذخ والترف انحسر ظلّ الحياة عن التاجر والفلّاح واقترب منهم شبح البؤس والفاقة».
وهو لا يستغرب من شيء كاستغرابه من استكانة الأمة وسكوتها عن الظلم فيقول ثائرا ومحرّضا :
«ومن المؤسف والمخجل أن تعيش هذه الجريمة ويستمر ذلك العسف من ذلك التاريخ إلى أيام الأشرف واغرب من كل هذا رضوخ الأمة واستسلامها واحتمالها لهذه الأوزار الباهضة»
وبعد تلك لمحة عابرة عن ثورة مؤلفنا في كتابه هذا ، وسنجده موضوعيّا في كل ما خطّته يداه ، وقد تحرّى الصّدق والصّحة في كل عصور التاريخ وأدواره ، لا يمنعه هوى ولا يستشط به ميل عن قول الحق مهما كان