وما فيه من قوّامه وكفاته |
|
ورفقتهم بالمعتفين ذوي الفقر |
فللميت المقبور حسن جهازه |
|
وللحيّ رفق في علاج وفي جبر |
وإن جئت رأس الجسر فانظر تأمّلا |
|
إلى الحصن أو فاعبر إليه على الجسر |
ترى أثرا لم يبق من يستطيعه |
|
من الناس في بدو البلاد ولا حضر |
مآثر لا تبلى وإن باد أهلها |
|
ومجد يؤدي وارثيه إلى الفخر |
لقد ضمن القبر المقدّر ذرعه |
|
أجلّ إذا ما قيس من قبتي حجر |
وقام أبو الجيش ابنه بعد موته |
|
كما قام ليث الغاب في الأسل السمر |
أتته المنايا وهو في أمن داره |
|
فأصبح مسلوبا من النهي والأمر |
كذاك الليالي من أعارته بهجة |
|
فيا لك من ناب حديد ومن ظفر |
وورث هارون ابنه تاج ملكه |
|
كذاك أبو الأشبال ذو الناب والهصر |
وقد كان جيش قبله في محله |
|
ولكنّ جيشا كان مستقصر العمر |
فقام بأمر الملك هارون مدّة |
|
على كظظ (١) من ضيق باع ومن حصر |
وما زال حتى زال والدهر كاشح (٢) |
|
عقاربه من كل ناحية تسري |
تذكرتهم لما مضوا فتتابعوا |
|
كما أرفض سلك من جمان ومن شذر |
فمن يبك شيئا ضاع من بعد أهله |
|
لفقدهم فليبك حزنا على مصر |
ليبك بني طولون إذ بان عصرهم |
|
فبورك من دهر وبورك من عصر |
وقال أيضا :
من لم ير الهدم للميدان لم يره |
|
تبارك الله ما أعلى وأقدره |
لو أن عين الذي أنشأه تبصره |
|
والحادثات تعاديه لأكبره |
كانت عيون الورى تعشوا لهيبته |
|
إذا أضاف إليه الملك عسكره |
أين الملوك التي كانت تحلّ به |
|
وأين من كان بالإنفاذ دبره |
وأين من كان يحميه ويحرسه |
|
من كل ليث يهاب الليث منظره |
صاح الزمان بمن فيه ففرّقهم |
|
وحط ريب البلى فيه فدعثره (٣) |
وأخلق الدهر منه حسن جدّته |
|
مثل الكتاب محا العصر أن أسطره |
دكت مناظره واجتثّ جوسقه |
|
كأنما الخسف فاجأه فدمّره |
أو هبّ إعصار نار في جوانبه |
|
فعاد معروفه للعين منكره |
كم كان يأوي إليه في مقاصره |
|
أحوى أغنّ غضيض الطرف أحوره |
__________________
(١) الكظظ : الكرب والجهد.
(٢) كاشح : مضمر العداوة.
(٣) دعثر : الدعثر المتهدم المتثلم.