كم كان فيه لهم من مشرب غدق |
|
فعب صرف الردى فيه فكدّره |
أين ابن طولون بانيه وساكنه |
|
أماته الملك الأعلى فأقبره |
ما أوضح الأمر لو صحت لنا فكر |
|
طوبى لمن خصه رشد فذكره |
وقال أحمد بن إسحاق الجفر :
وإذا ما أردت أعجوبة الده |
|
ر تراها فانظر إلى الميدان |
تنظر البين والهموم وأنوا |
|
عا توالت به من الأشجان |
يعلم العالم المبصر أن الده |
|
ر فيما يراه ذو ألوان |
أين ما فيه من نعيم ومن عي |
|
ش رخيّ ونضرة وحسان |
أين ذاك المسك الذي ديف (١) بالعن |
|
بر بحتا وعلّ (٢) بالزعفران |
أين ذاك الخز المضاعف والوشي |
|
وما استخلصوا من الكتان |
أين تلك القيان تشدو على العر |
|
س بما استحسنوا من الألحان |
حوّز الدهر آل طولون في هوّة |
|
نقر مسكونها غير دان |
وأعاض الميدان من بعد أهليه |
|
ذئابا تعوي بتلك المغاني |
ثم أمر الحسين بن أحمد المادراني متولي خراج مصر بهدم الديوان ، فابتدىء في هدمه في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، وبيعت أنقاضه ، ودثر كأنه لم يكن. فقال محمد بن طسويه :
وكأنّ الميدان ثكلى أصيبت |
|
بحبيب قد ضاع ليلة عرس |
تتغشى الرياح منه محلا |
|
كان للصون في ستور الدمقس |
وبفرش الأضريج والبسط الدي |
|
باج في نعمة وفي لين لمس |
ووجوه من الوجوه حسان |
|
وخدود مثل اللآلئ ملس |
وكل نجلاء كالغزال وبخلا |
|
ورداح (٣) من بين حور ولعس(٤) |
آل طولون كنتم زينة الأر |
|
ض فأضحى الجديد أهدام لبس |
وقال ابن أبي هاشم :
يا منزلا لبني طولون قد دثرا |
|
سقاك صرف الغوادي القطر والمطرا |
يا منزلا صرت أجفوه وأهجره |
|
وكان يعدل عندي السمع والبصرا |
بالله عندك علم من أحبتنا |
|
أم هل سمعت لهم من بعدنا خبرا |
__________________
(١) ديف : خلط ومزج بماء أو نحوه.
(٢) العلّ : الشربة الثانية أو الشرب بعد الشرب.
(٣) رداح : ثقلية الأوراك.
(٤) اللعس : سواد مستحسن بالشفة.