ثم ولي : هلال بن بدر من قبل المقتدر على الصلاة ، فدخل لست خلون من ربيع الآخر ، وخرج مونس لثمان عشرة خلت منه ومعه ابن حمل ، فشغب الجند على هلال ، وخرجوا إلى منية الأصبغ ، ومعهم محمد بن طاهر صاحب الشرط ، فكثر النهب والقتل والفساد بمصر ، إلى أن صرف عنها في ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثلثمائة وخرج في نفر من أصحابه.
فولي : أحمد بن كيغلغ من قبل المقتدر على الصلاة ، وقدم ابنه أبو العباس خليفة له أوّل جمادى الأولى ، ثم قدم ومعه محمد بن الحسين بن عبد الوهاب المادرانيّ على الخراج في رجب ، فأحضرا الجند ، ووضعا العطاء ، وأسقطا كثيرا من الرجالة ، وكان ذلك بمنية الأصبغ ، فثار الرجالة به ، ففرّ إلى فاقوس (١) ، وأدخل المادرانيّ إلى المدينة لثمان خلون من شوال ، وأقام ابن كيغلغ بفاقوس إلى أن صرف بقدوم رسول تكين في ثالث ذي القعدة.
فولي : تكين المرّة الثالثة من قبل المقتدر على الصلاة ، وخلفه ابن منجور إلى أن قدم يوم عاشوراء سنة اثنتي عشرة وثلثمائة ، فأسقط كثيرا من الرجالة ، وكانوا أهل الشرّ والنهب ، ونادى ببراءة الذمّة ، ممن أقام منهم بالفسطاط ، وصلى الجمعة في دار الإمارة بالعسكر ، وترك حضور الجمعة في مسجد العسكر ، والمسجد الجامع العتيق في سنة سبع عشرة ، ولم يصلّ قبله أحد من الأمراء في دار الإمارة الجمعة ، ثم قتل المقتدر في شوّال سنة عشرين ، وبويع أبو منصور القاهر بالله ، فأقرّ تكين حتى مات في سادس عشر ربيع الأوّل سنة إحدى وعشرين وثلثمائة ، فحمل إلى بيت المقدس ، وكانت إمرته هذه تسع سنين وشهرين وخمسة أيام.
فقام ابنه محمد بن تكين موضعه ، وقام أبو بكر محمد بن عليّ المادرانيّ بأمر البلد كله ، ونظر في أعماله فشغب الجند عليه في طلب أرزاقهم ، وأحرقوا دوره ، ودور أهله ، فخرج ابن تكين إلى منية الأصبغ ، فبعث إليه المادرانيّ يأمره بالخروج من أرض مصر ، وعسكر بباب المدينة ، وأقام هناك بعدما رحل ابن تكين إلى سلخ ربيع الأوّل ، فلحق ابن تكين بدمشق ، ثم أقبل يريد مصر ، فمنعه المادرانيّ.
ثم ولي : محمد بن طغج (٢) بن جف الفرغانيّ أبو بكر من قبل القاهر بالله على الصلاة ، فورد كتابه لسبع خلون من رمضان سنة إحدى وعشرين ، ودعي له ، وهو بدمشق
__________________
(١) فاقوس : مدينة في حوض مصر الشرقي وهي آخر ديار مصر من جهة الشام. معجم البلدان ج ٤ / ٢٣٢.
(٢) الملقب بالإخشيد مؤسس الدولة الإخشيدية بمصر والشام. تركي الأصل. ولد سنة ٢٦٨ ه وتوفي سنة ٣٣٤ ه. الأعلام ج ٦ / ١٧٤.