سمة ، ولا خروج عن القاهرة ، ولا يخرج لأحد شيء ، فإذا كان ذلك اليوم ركب الوزير بالاستدعاء الجاري به العادة ، فيدخل القصر ، وفي دخوله بروز الخليفة لركوبه من الكرسيّ على عادته ، فيخدم ويخرج ويركب من مكانه من الدهليز ، ويخرج فيقف قبالة باب القصر ، ويكون ظهره إلى دار فخر الدين جهاركس اليوم ، ثم يخرج الخليفة راكبا أيضا ، فيقف في الباب ، ويقال له : القوس ، وحواليه الأستاذون المحنكون رجالة ، ومن الأمراء المطوّقين من يأمره الوزير بإشارة خدمة الخليفة على خدمته ، ثم يجوز زيّ كل من له زيّ على مقدار همته ، فأوّل ما يجوز زيّ الخليفة ، وهو الظاهر في ركوبه ، فتجد الجنائب الخاص التي قدّمنا ذكرها أوّلا ، ثم زيّ الأمراء المطوّقين لأنهم غلمانه واحدا فواحدا بعددهم ، وأسلحتهم ، وجنائبهم إلى آخر أرباب القصب والعماريات ، ثم طوائف العسكر أزمّتها أمامها ، وأولادهم مكانهم لأنهم في خدمة الخليفة وقوف بالباب طائفة طائفة ، فيكونون أكثر عددا من خمسة آلاف فارس ، ثم المترجلة الرماة بالقسيّ بالأيدي والأرجل ، وتكون عدّتهم قريبا من ألف ، ثم الراجل من الطوائف الذين قدّمنا ذكرهم في الركوب ، فتكون عدّتهم قريبا من سبعة آلاف كل منهم بزمام وبنود ورايات وغيرها ، بترتيب مليح مستحسن ، ثم يأتي زيّ الوزير مع ولده ، أو أحد أقاربه ، وفيه جماعته وحاشيته في جمع عظيم ، وهيئة هائلة ، ثم زيّ صاحب الباب ، وهم أصحابه وأجناده ، ونوّاب الباب ، وسائر الحجاب ، ثم يأتي زيّ اسفهسلار العساكر بأصحابه ، وأجناده في عدّة وافرة ، ثم يأتي زيّ والي القاهرة ، وزيّ والي مصر ، فإذا فرغا خرج الخليفة من الباب والوقوف بين يديه مشاة في ركابه خارجا عن صبيان ركابه الخاص ، فإذا وصل إلى باب الزهومة بالقصر ، انعطف على يساره داخلا من الدرب هناك جائزا على الخوخ (١) ، فإذا وصل إلى باب الديلم الذي داخله المشهد الحسينيّ ، فيجد في دهليز ذلك الباب : قاضي القضاة والشهود ، فإذا وازاهم خرجوا للخدمة والسلام عليه ، فيسلم القاضي كما ذكرنا من تقبيل رجله الواحدة التي تليه ، والشهود أمام رأس الدابة بمقدار قصبة ، ثم يعودون ويدخلون من ذلك الدهليز إلى الإيوان الكبير ، وقد علق عليه الستور القرقوبية جميعه على سعته ، وغير القرقوبية سترا فسترا ، ثم يعلق بدائرة على سعته ثلاث صفوف : الأوسط طوارق فارسيات مدهونة ، والأعلى والأسفل درق ، وقد نصب فيه كرسيّ الدعوة ، وفيه تسع درجات لخطابة الخطيب في هذا العيد ، فيجلس القاضي والشهود تحته ، والعالم من الأمراء ، والأجناد ، والمتشيعين ، ومن يرى هذا الرأي من الأكابر والأصاغر ، فيدخل الخليفة من باب العيد إلى الإيوان إلى باب الملك ، فيجلس بالشباك ، وهو ينظر القوم ، ويخدمه الوزير عندما ينزل ، ويأتي هو ومن معه ، فيجلس بمفرده على يسار منبر الخطيب ، ويكون قد سير لخطيبه بدلة حرير يخطب فيها ، وثلاثون دينارا ، ويدفع له كرّاس
__________________
(١) الخوخ : ج. خوخة : هي الباب الصغير في أصل باب كبير يفتح عادة عندما لا تكون حاجة لفتح البوابة الكبيرة.