محرّر من ديوان الإنشاء يتضمن نص الخلافة من النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي عنه بزعمهم ، فإذا فرغ ونزل صلى قاضي القضاة بالناس ركعتين ، فإذا قضيت الصلاة ، قام الوزير إلى الشباك ، فيخدم الخليفة ، وينفض الناس بعد التهاني من الإسماعيلية بعضهم بعضا ، وهو عندهم أعظم من عيد النحر ، وينحر فيه أكثرهم.
قال : وكان الحافظ لدين الله أبو الميمون عبد المجيد : لما سلم من يد أبي عليّ بن الأفضل الملقب كتيفات ، لما وزر له ، وخرج عليه عمل عيدا في ذلك اليوم ، وهو السادس عشر من المحرّم من غير ركوب ، ولا حركة بل إنّ الإيوان باق على فرشه ، وتعليقه من يوم الغدير ، فيفرش المجلس المحوّل اليوم في الإيوان الذي بابه خورنق.
وكان يقابل الإيوان الكبير الذي هو اليوم : خزائن السلاح ، بأحسن فرش ، وينصب له مرتبة هائلة قريبا من باذهنجه ، فيجتمع أرباب الدولة سيفا وقلما ، ويحضرون إلى الإيوان إلى باب الملك المجاور للشباك ، فيخرج الخليفة راكبا إلى المجلس ، فيترجل على بابه ، وبين يديه الخواص ، فيجلس على المرتبة ، ويقفون بين يديه صفين إلى باب المجلس ، ثم يجعل قدّامه كرسيّ الدعوة ، وعليه غشاء قرقوبيّ ، وحواليه الأمراء الأعيان ، وأرباب الرتب ، فيصعد قاضي القضاة ، ويخرج من كمه كراسة مسطحة تتضمن فصولا ، كالفرج بعد الشدّة بنظم مليح ، يذكر فيه كل من أصابه من الأنبياء والصالحين والملوك شدّة ، وفرّج الله عنه واحدا فواحدا ، حتى يصل إلى الحافظ ، وتكون هذه الكراسة محمولة من ديوان الإنشاء ، فإذا تكاملت قراءتها ، نزل عن المنبر ، ودخل إلى الخليفة ، ولا يكون عنده من الثياب أجلّ مما لبسه ، ويكون قد حمل إلى القاضي قبل خطابته بدلة مميزة يلبسها للخطابة ، ويوصل إليه بعد الخطابة خمسون دينارا.
وقال الأمير جمال الدين أبو عليّ موسى بن المأمون أبي عبد الله محمد بن فاتك بن مختار الطائحيّ في تاريخه ، واستهل عيد الغدير يعني من سنة ست عشرة وخمسمائة ، وهاجر إلى باب الأجل يعني الوزير المأمون البطائحي الضعفاء والمساكين من البلاد ، ومن انضمّ إليهم من العوالي ، والأدوان على عادتهم في طلب الحلال ، وتزويج الأيامى ، وصار موسما يرصده كل أحد ، ويرتقبه كل غنيّ وفقير ، فجرى في معروفه على رسمه ، وبالغ الشعراء في مدحه بذلك ، ووصلت كسوة العيد المذكور ، فحمل ما يختص بالخليفة والوزير ، وأمر بتفرقة ما يختص بأزمّة العساكر فارسها وراجلها من عين وكسوة ، ومبلغ ما يختص بهم من العين سبعمائة وتسعون دينارا ، ومن الكسوات مائة وأربع وأربعون قطعة ، والهيئة المختصة بهذا العيد ، برسم كبراء الدولة ، وشيوخها وأمرائها وضيوفها ، والأستاذين المحنكين والمميزين منهم خارجا عن أولاد الوزير وإخوته ، ويفرّق من مال الوزير بعد الخلع عليه ألفان وخمسمائة دينار وثمانون دينارا ، وأمر بتعليق جميع أبواب القصور ،