البقر من كل لون بكلة مع حبرير مارق ، قال : وأحضر كاتب الدفتر الحسابات بما جرت به العادة من إطلاق العين والورق ، والكسوات على اختلافها في يوم النوروز ، وغير ذلك من جميع الأصناف ، وهو أربعة آلاف دينار ذهبا وخمسة عشر ألف درهم فضة ، والكسوات عدّة كثيرة من شقق ديبقية مذهبات وحريريات ، ومعاجر وعصائب نسائيات ملوّنات وسقولاد مذهب وحريري ، ومسفع ، وفوط ديبقية حريرية ، فأما العين والورق والكسوات ، فذلك لا يخرج عمن تحوزه القصور ، ودار الوزارة والشيوخ والأصحاب ، والحواشي والمستخدمين ورؤساء العشاريات ، وبحاريها ، ولم يكن لأحد من الأمراء على اختلاف درجاتهم في ذلك نصيب.
وأما الأصناف من البطيخ والرّمان والبسر والموز والسفرجل والعناب والهرائس على اختلافها ، فيشمل ذلك جميع من تقدّم ذكرهم ، ويشركهم فيه جميع الأمراء أرباب الأطواق والإنصاف وغيرهم من الأماثل ، والأعيان من له جاه ، ورسم في الدولة.
وقال القاضي الفاضل في متجدّدات سنة أربع وثمانين وخمسمائة يوم الثلاثاء رابع عشر رجب يوم النوروز القبطيّ ، وهو مستهلّ توت ، وتوت أوّل سنتهم ، وقد كان بمصر في الأيام الماضية والدولة الخالية من مواسم بطالاتهم ، ومواقيت ضلالاتهم ، فكانت المنكرات ظاهرة فيه ، والفواحش صريحة فيه ، ويركب فيه أمير موسوم بأمير النوروز ، ومه جمع كثير ، ويتسلط على الناس في طلب رسم رتبه ، ويرسم على دور الأكابر بالجمل الكبار ، ويكتب مناشير ، ويندب مرسمين كل ذلك يخرج مخرج الطير ، ويقنع بالميسور من الهبات ، ويجتمع المغنون ، والفاسقات تحت قصر اللؤلؤ بحيث يشاهدهم الخليفة ، وبأيديهم الملاهي ، وترتفع الأصوات ، ويشرب الخمر والمزر شربا ظاهرا بينهم ، وفي الطرقات ، ويتراش الناس بالماء ، وبالماء والخمر ، وبالماء ممزوجا بالأقذار ، وإن غلط مستور ، وخرج من بيته لقيه من يرشه ، ويفسد ثيابه ، ويستخف بحرمته ، فإمّا أن يفدي نفسه ، وإمّا أن يفضح ، ولم يجر الحال على هذا ، ولكن قد رش الماء في الحارات ، وقد أحيى المنكرات في الدور أرباب الخسارات.
وقال في متجدّدات سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة : وجرى الأمر في النوروز على العادة من رش الماء ، واستجدّ فيه هذا العام التراجم بالبيض ، والتصافع بالأنطاع ، وانقطع الناس عن التصرّف ، ومن ظفر به في الطريق رش بمياه نجسة ، وخرق به ، وما زال يوم النوروز يعمل فيه ما ذكر من التراش بالماء ، والتصافع بالجلود ، وغيرها إلى أن كانت أعوام بضع وثمانين وسبعمائة ، وأمر الدولة بديار مصر ، وتدبيرها إلى الأمير الكبير برقوق (١) قبل
__________________
(١) هو برقوق بن أنص أو أنس العثماني أبو سعيد سيف الدين الملك الظاهر أول من ملك مصر من الشراكسة. كان مملوكا ثم أعتق وترقى في المناصب إلى أن أصبح سلطانا على مصر. ولد سنة ٧٣٨ ه وتوفي سنة ٨٠١ ه. الأعلام ج ٢ / ٤٨.