فلكة (١) بارزة مقدار عرض إبهام فيشدّ آخر الشوارك في حلقة من ذهب ، ويترك متسعا في رأس الرمح ، وهو مفروض فتلقى تلك الفلكة ، فتمنع المظلة من الحدور في العمود المذكور ولها أضلاع من خشب الخلنج مربعات مكسوّة بوزن الذهب على عدد الشوارك خفاف في الوزن طولها طول الشوارك ، وفيها خطاطيف لطاف ، وحلق يمسك بعضها بعضا ، وهي تنضم وتنفتح على طريقة شوكات الكيزان ، ولها رأس شبه الرمانة ، ويعلوه رمانة صغيرة ، كلها ذهب مرصع بجوهر يظهر للعيان ، ولها رفرف دائر يفتحها من نسبتها عرضه أكثر من شبر ونصف ، وسفل الرمانة فاصل يكون مقداره ثلاث أصابع ، فإذا أدخلت الحلقة الذهب الجامعة لآخر شوارك المظلة في رأس العمود ركبت الرمانة عليها ، ولفت في عرض ديبقيّ مذهب ، فلا يكشفها منه إلا حاملها عند تسليمها إليه أوّل وقت الركوبة.
ثم يؤمر بشدّ لواءي الحمد المختصين بالخليفة ، وهما رمحان طويلان ملبسان بمثل أنابيب عمود المظلة إلى حدّ نصفهما ، وهما من الحرير الأبيض المرقوم بالذهب ، وغير منشورين بل ملفوفين على جسم الرمحين ، فيشدّان ليخرجا بخروج المظلة إلى أميرين من حاشية الخليفة ، برسم حملهما ويخرج إحدى وعشرون راية لطاف من الحرير المرقوم ملوّنة بكتابة تخالف ألوانها من غيره.
ونص كتابتها : نصر من الله وفتح قريب ، على رماح مقوّمة من القنا المنتقى ، طول كل راية ذراعان في عرض ذراع ونصف في كل واحدة ثلاث طرازات ، فتسلم لأحد وعشرين رجلا من فرسان صبيان الخاص (٢) ، ولهم بشارة عود الخليفة سالما عشرون دينارا ، ثم يخرج رمحان رؤوسهما أهلة من ذهب صامتة في كل واحد سبع من ديباج أحمر وأصفر ، وفي فمه طارة مستديرة يدخل فيها الريح ، فينفتحان فيظهر شكلهما ، ويتسلمهما فارسان من صبيان الخاص ، فيكونان أمام الرايات ، ثم يخرج السيف الخاص ، وهو من صاعقة وقعت على ما يقال ، وجلبته ذهب مرصعة بالجوهر في خريطة مرقومة بالذهب لا يظهر إلا رأسه ، ليسلم إلى حامله ، وهو أمير عظيم القدر ، وهذه عندهم رتبة جليلة المقدار ، وهو أكبر حامل ، ثم يخرج الرمح وهو رمح لطيف في غلاف منظوم من اللؤلؤ ، وله سنان مختصر بحلية ذهب ، ودرقة بكوامخ ذهب فيها سعة منسوبة إلى حمزة بن عبد المطلب رضياللهعنه في غشاء من حرير لتخرج إلى حاملها ، وهو أمير مميز ، ولهذه الخدمة وصاحبها عندهم جلالة.
ثم تشعر الناس بطريق الموكب ، وسلوكه لا يتعدّى دورتين إحداهما كبرى ، والأخرى
__________________
(١) فلكة : قطعة مستديرة من الخشب ونحوه تجعل في أعلى العمود غالبا ما تستعمل في المغزل. صبح الأعشى ٣ / ٥٤٢.
(٢) صبيان الخاص : ويقال لهم صبيان الركاب أو الركابية وهم الذين يحملون السلاح حول الخليفة في المواكب. صبح الأعشى ٣ / ٤٨٠.