بالتكبيرات المسنونة ، والوزير وراءه والقاضي ، ويقرأ في كل ركعة ، ما هو مرقوم في السترين فإذا فرغ وسلم صعد المنبر للخطابة العيدية يوم الفطر ، فإذا جلس في الذروة وهناك طرّاحة سامان أو ديبقيّ على قدرها وباقية يستر بياض على مقداره في تقطيع درجه ، وهو مضبوط لا يتغير ، فيراه أهل ذلك الجمع جالسا في الذروة ويكون قد وقف أسفل المنبر الوزير ، وقاضي القضاة ، وصاحب (١) الباب إسفهسلار العساكر ، وصاحب السيف وصاحب الرسالة ، وزمام القصر ، وصاحب دفتر (٢) المجلس ، وصاحب المظلة ، وزمام الأشراف الأقارب ، وصاحب بيت المال ، وحامل الرمح ، ونقيب الأشراف الطالبيين ، ووجه الوزير إليه فيشير إليه فيصعد ، ويقرب وقوفه منه ، ويكون وجهه موازيا رجليه ، فيقبلهما بحيث يراه العالم ، ثم يقوم ويقف على يمينه ، فإذا وقف أشار إلى قاضي القضاة ، فيصعد إلى سابع درجة ، ويتطلع إليه صاغيا لما يقول ، فيشير إليه فيخرج من كمه مدرجا قد أحضر إليه أمس من ديوان الإنشاء بعد عرضه على الخليفة والوزير ، فيعلن بقراءة مضمونه.
ويقول : بسم الله الرحمن الرحيم : ثبت بمن شرّف بصعوده المنبر الشريف في يوم كذا ، وهو عيد الفطر من سنة كذا من عبيد أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وعلى آبائه الطاهرين ، وأبنائه الأكرمين بعد صعود السيد الأجل ، ونعوته المقرّرة ودعائه المحرّر ، فإن أراد الخليفة أن يشرّف أحدا من أولاد الوزير ، وإخوته استدعاه القاضي بالنعت المذكور ، ثم يتلو ذلك ذكر القاضي وهو القارئ ، فلا يتسع له أن يقول عن نفسه نعوته ولا دعاءه ، بل يقول : المملوك فلان بن فلان ، وقرأه مرّة القاضي ابن أبي عقيل.
فلما وصل إلى اسمه قال : العبد الذليل المعترف بالصنع الجميل في المقام الجليل أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عقيل ، فاستحسن ذلك منه ، ثم حذا حذوه الأعز بن سلامة ، وقد استقضى في آخر الوقت ، فقال المملوك في محل الكرامة الذي عليه من الولاء أصدق علامة : حسن بن عليّ بن سلامة ، ثم يستدعي من ذكرنا وقوفهم على باب المنبر بنعوتهم ، وذكر خدمهم ودعائهم على الترتيب ، فإذا طلع الجماعة وكل منهم يعرف مقامه في المنبر يمنة ويسرة أشار الوزير إليهم ، فأخذ هو من كل جانب بيده نصيبا من اللواء الذي بجانبه ، فيستر الخليفة ، ويسترون وينادى في الناس بأن ينصتوا ، فيخطب الخليفة من المسطور على العادة ، وهي خطبة بليغة موافقة لذلك اليوم ، فإذا فرغ ألقى كل من في يده من اللواء شيء خارج المنبر ، فينكشفون وينزلون أوّلا فأوّلا ، الأقرب فالأقرب إلى القهقرى فإذا خلا المنبر منهم ، قام الخليفة هابطا ، ودخل إلى المكان الذي خرج منه ، فلبث يسيرا وركب في زيه
__________________
(١) صاحب الباب : هي ثاني رتبة الوزارة وكان يقال لها الوزارة الصغرى وصاحبها يقرب من النائب الكافل في زماننا وهو الذي ينظر في المظالم (صبح الأعشى ٣ / ٥٥٤).
(٢) صاحب دفتر المجلس : هو المتحدث على الدواوين الجامعة لأمور الخلافة وكان لصاحب الدفتر مائة دينار شهريا ويعتبر من حاشية الخليفة ويكون من الأستاذين المحنكين. صبح الأعشى ٣ / ٤٨١.