علومه ، ومعارفه :
عاش «يونس بن عبد الأعلى» عمرا طويلا ، امتد ما بين مولده فى «ذى الحجة» سنة سبعين ومائة (١٧٠ ه) ، حتى وفاته ـ غداة الاثنين ـ ليومين مضيا ـ أو بقيا ـ من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين (٢٦٤ ه) (١). وهو عمر مديد ـ كما نرى ـ يقارب أربعة وتسعين (٩٤) عاما (٢) ، يمكن تلخيصه فى الأفكار الآتية :
أولا ـ فى مجال القراءات ، والتفسير :
تلقى يونس بن عبد الأعلى القرآن الكريم على يد القارئ المشهور «ورش ، ولد ١١٠ ـ ت ١٩٧ ه) (٣) ، الذي كان أجلّ تلاميذ القارئ «نافع المدنى ت ١٦٩ ه) (٤). ويبدو أن يونس صار إماما فى القراءات ، إذ ضمّ ـ إلى ذلك ـ قراءة حمزة (٥). ويكفى أن نذكر أن الإمام الطبرى (٢٢٤ ـ ٣١٠ ه) ، الذي وفد إلى مصر ، أواسط القرن الثالث الهجرى (٦) ، قد تلقى على يونس بن عبد الأعلى القراءة ، فسمع منه حرف نافع ،
__________________
(١) تاريخ المصريين ، لابن يونس (ترجمة رقم ١٤١٧) ، والثقات ٩ / ٢٩٠ (مات هو والمزنى سنة ٢٦٤ ه) ، وطبقات الفقهاء للشيرازى ص ٩٩ (شرحه) ، وتهذيب الأسماء واللغات ج ٢ من ق ١ ص ١٦٨ (ولم يحدد يوم الوفاة) ، وسير النبلاء ١٢ / ٣٤٨ ، ٣٥١ (توفى فى اليوم الثانى من ربيع الآخر) ، وحسن المحاضرة ٢ / ٣٠٩. ويلاحظ أن تاريخ ميلاده حرّف إلى سنة ١٠٧ ه فى (معرفة القراء الكبار) ١ / ١٥٦.
(٢) سير النبلاء ١٢ / ٣٥١. وقد سلكت بعض المصادر مسالك شتى فى تقدير عمر يونس ، فذكر المسعودى أنه بلغ ٩٢ سنة (المروج) ٢ / ٥٧٧. واقترب ابن العماد من الصواب ، فجعل عمره (٩٣ سنة) ـ (شذرات الذهب) ٢ / ١٤٩. وأخيرا ، فقد ابتعد ابن حجر عن الصواب ، لمّا ذكر أن يونس عاش ٩٦ سنة (التقريب) ٢ / ٣٨٥.
(٣) راجع تعريفى به فى كتابى : (الحياة الثقافية) ج ١ ص ٨١ ـ ٨٢.
(٤) راجع تعريفى به فى (المرجع السابق) ١ / ٧٨.
(٥) صرح بجمعه قراءة حمزة ابن عبد البر فى (الانتقاء) ص ١١٢. وورد أن الطبرى أخذ القراءة على يونس ، عن علىّ بن كيسة ، عن سليم بن عيسى ، عن حمزة (معجم الأدباء ١٨ / ٦٦ ـ ٦٧) ، والقرآن وعلومه فى مصر ص ٢٤٨). وحمزة المذكور هو ابن حبيب الزيات الكوفى (ولد ٨٠ ه ، وتوفى سنة ١٥٨ ه). تلقيت قراءته بالقبول ، (تهذيب التهذيب) ٣ / ٢٤ ـ ٢٥. وحول إمامة يونس فى القراءات ، وتصدره للإقراء ، راجع : (سير النبلاء ١٢ / ٣٤٩ ، وتهذيب التهذيب ١١ / ٣٨٨ ، وحسن المحاضرة ١ / ٣٠٩ ، وشذرات الذهب ٢ / ١٤٩).
(٦) وردت روايتان فى (معجم الأدباء) لياقوت : إحداهما : تفيد أنه سار إلى الفسطاط سنة ٢٥٣ ه (ج ١٨ / ٥٢). والثانية : تذكر أنه ورد إلى مصر سنة ٢٥٦ ه (ج ١٨ / ٥٥).