برواية ورش عنه. ويبدو أن الطبرى حذق هذه القراءة ، فصار الناس يقصدونه ؛ ليعلمهم إياها بعد عوده إلى بغداد (١).
وبالنسبة للتفسير ، فقد كان ل «يونس بن عبد الأعلى» أثر كبير فى الاحتفاظ بقدر عظيم من تفسير «ابن وهب» ؛ إذ كان يونس كثير الرواية عنه. ولما قدم الطبرى إلى مصر ، روى تفسير ابن وهب ، عن يونس ، فضمن له البقاء ، وحفظه من الضياع والاندثار ؛ إذ ضمّنه الطبرى مرويات تفسيره الكبير (٢).
ثانيا ـ فى مجال الحديث :
١ ـ اهتم «يونس بن عبد الأعلى» برواية حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبلغ فى ذلك المدى. ومن أساتيذه الذين روى عنهم : عبد الله بن وهب «وهو من أروى الناس عنه» (٣) ، وشعيب بن الليث (٤) ، وأنس بن عياض الليثى (٥) ، وسفيان بن عيينة ، والوليد
__________________
(١) طبقات القراء ، لابن الجزرى ٢ / ١٠٦ ـ ١٠٨ ، ورسالتى للماجستير ج ٢ ص ١٠.
(٢) دكتوراه (مدارس مصر الفقهية) للدكتور نبيل غنايم ص ٧٦ ، ورسالتى للماجستير ج ٢ ص ١٣ (هامش ١ وبه نماذج عديدة لمرويات تفسيرية رواها الطبرى فى تفسيره عن يونس عن ابن وهب).
(٣) الانتقاء ، لابن عبد البر ص ٤٩.
(٤) قال ابن أبى حاتم فى (الجرح والتعديل) ، مجلد ٢ ق ١ ص ٣٥١ : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، عن شعيب بن الليث. ومن ثم ، فإنى أعتقد عدم صحة ما ورد فى (الكواكب السيارة) لابن الزيات ص ١٠٥ ، عندما زعم أن يونس كان وكيل الليث (أى : على ضياعه) ، وكان يجلس فى حلقة الليث إذا غاب. وكذلك لا يصح فيه ما ورد عن شعيب ، أنه روى عن أبيه الليث قوله : وددت لو قاسمنى يونس على شطر مالى ، ولكن يمنعه ورعه. كل ذلك لا يجوز ؛ لأن يونس كان ابن خمس سنوات عند وفاة الليث ، فعلاقته أحرى أن تكون مع ابنه شعيب (ت ١٩٩ ه) ، لا مع الليث نفسه. وقد رأى ذلك ـ أيضا ، من قبل ـ محمود محمود حسن فى رسالته للماجستير عن (الحياة العلمية فى مصر من قيام الطولونيين إلى سقوط الإخشيديين) ص ١١١. وبناء على ما تقدم يجب تأويل ما ورد فى (سير النبلاء) ١٠ / ٢٣ ، من أن يونس قال للشافعى : صاحبنا الليث يقول : لو رأيت ذا هوى يمشى على الماء ، لرفضته. قال الشافعى : قصّر. لو مشى فى الهواء ، ما قبلته. فتعبير (صاحبنا الليث) لا يعنى رواية يونس عن الليث ، لكنه يقصد شيخنا وعالم مصرنا ، ممن سمعنا مروياته عن ابنه مثلا.
(٥) هو أبو ضمرة المدنى. ولد سنة ١٠٤ ه ، وتوفى سنة ٢٠٠ ه. وقد أثنى عليه يونس ، فقال : ما رأيت أحدا أحسن خلقا من أبى ضمرة ، ولا أسمح بعلمه منه. قال لنا : «لو تهيأ لى أن أحدّثكم بكل ما عندى فى مجلس ، لفعلت». (تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٢ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ١١٣).