شملت هذه المصادر نوعيات عديدة من الكتب «كتب التاريخ المحلى ، والتاريخ العام ، وكتب التراجم والطبقات بكافة أنواعها «لمفسرين ، ومحدّثين ، وفقهاء ، ونحاة ولغويين ، وأعيان ، وأدباء» ، وكتب الخطط والجغرافية ، وتراجم الرجال ، والأنساب ، وضبط الأعلام ، وكتب اللغة ، والتفسير ، وشروح الحديث».
وقد ساعد هذا الحشد الهائل من المصادر على تجميع قدر كبير من كتابى ابن يونس ، يتوافق مع ما وصفه الواصفون من أن «تاريخ المصريين كبير ، وتاريخ الغرباء صغير» ؛ إذ بلغ ما تم تجميعه من أولهما «١٤٦١ ترجمة» ، وثانيهما «٧٠٣ ترجمة». هذه التراجم الكثيرة ستعطينا فرصة نادرة لدراسة منهج مؤرخنا بشكل علمى ومنطقى ؛ لأنه كلما ازداد حجم الكتاب ، كان رصد ملامحه المنهجية أقرب إلى الصحة ، وأبعد عن التهويل والمبالغة ؛ لتواتر أسلوبه فى العرض ، وتكرار طريقته فى الصياغة ، مع تبيّن شخصية المؤلف ، واتضاح رؤاه.
ورغم كل ما تم تجميعه ـ وهو غزير غزير ـ إلا أننى لا أستطيع أن أزعم ـ ولو مجرد الزعم ـ أننى جمعت هذين الكتابين المفقودين ، بل لا أتجاسر على القول بأننى جمعت معظم الكتابين ، وإنما ما تم هو تجميع ما تيسر من بقايا ـ لا كل بقايا ـ هذين التاريخين.
لا أقول ذلك على سبيل التواضع ـ على أنه خلق محمود غير مذموم ـ بل على سبيل تقرير الحقيقة والواقع ؛ وذلك لعدة أسباب ، منها :
١ ـ أن الإحاطة بكافة نصوص وتراجم هذين المؤلّفين أمر غير ممكن ؛ لأنه ليس فى مقدور بشر من جهة ، ولأن الباحث قد يكون فاته بعض المصادر ـ خاصة المخطوطة ـ التى تحوى مادة لابن يونس من جهة أخرى.
٢ ـ أن هذا العمل التجميعى ممتد ومتواصل ، ومرتبط بظهور مخطوطات جديدة فى المستقبل ، بها مزيد من مادة هذين الكتابين.
٣ ـ أن هناك نصوصا كثيرة موجودة بين أيدينا الآن ، لكن أصحابها لم يصرحوا بنسبتها إلى مصادرها ، ويغلب على الظن أنها لمؤرخنا «ابن يونس» ؛ لوجود قرائن موضوعية ، وأسلوبية تشير إلى ذلك ، لكن عدم وجود نظائر لها فى مصادر أخرى ، تصرح بنسبتها إلى مؤرخنا ، جعلنا نتردد فى نسبتها إليه ، واعتبارها له. فلننتظر ـ إذا ـ ظهور مخطوطات جديدة ، تؤكد هذا الظن وترجحه ، أو تنفيه وتصرفه.
ب ـ الدقة والصبر فى تجميع أجزاء الترجمة الواحدة ، واضعين كل جزئية بجوار