إمضاء ما يراه مجلس الولاية أو دحضه ، وهكذا كل رئيس في قسم أصغر منه هو مطالب لمن فوقه ، فلا جدوى في أن كان لكل منهم مجلس مركب من أعضاء من أهل المكان ، وفي كل قسم كبير جمعية تسمى جمعية الأعيان عدد أعضائها على حسب الدوائر والمشيخات الراجعة لذلك القسم ، ورئيسها يلقب بمار يشال الأعيان ووظيفتها تعيين غالب المتوظفين في كل ثلاث سنين إذا أمضاه الوالي أو الإمبراطور ، وفي كل مدينة أو قرية مجلس بلدي تحت رياسة أحد أعيانهم ، والذي ينتخب أعضاء المجلس والرئيس هو البلدية من البلدان ، ومعنى البلدية هو الأعيان والأواسط من الناس ، وأما أصحاب الخدم البدنية فليس لهم هذا المقام.
ووظيفة المجالس البلدية إدارة الأشغال العامة ومصالح البلدان والحكم فيما يحدث بين البلدية في التجارة ، كما أنه يوجد في هاته الأقسام مجالس للحكم في الجنايات ومجالس للحكم في الأمور العرفية وإمضاء الحكم مناط برئيس القسم كما تقدم ، كما أن لكل مشيخية بالبادية جمعية من كبار عائلاتهم لفصل نوازلهم وتقسيم الأداء اللازم للدولة وتعين من يدخل للعسكر ، ورؤوساء هاته الجمعيات هم أقدمهم في المشيخة ولهم الخيار أيضا في تنفيذ رأي الجمعيات ، ومن مجالسهم مجلس الصلح وهو الذي يونج المتوظفين عن تجاوز مأمورياتهم والحكم في الجنايات الخفيفة والماليات التي لا تبلغ أربعمائة فرنك ، ومن قواعدهم أن الخصمين إذا حكما أحدا يمضي حكمه على شرط تقييده في دفتر مخصوص لذلك ، أما أحكام الحكام فهي شفاهية. ويشترط في المتوظفين أن يكون أصحاب عرض وأن لا ينقص سنّ أحدهم عن الخمس والعشرين سنة ، وفي خصوص الولايات التي في حدود المملكة يوجد حاكم عسكري مع الحاكم المدني وله الرياسة عليه ، وبخصوص ولاية فلندا وزارة خاصة في قاعدة المملكة ومجلس سناتوا يسميه الإمبراطور في كل ثلاث سنين ، وتخت جميع المملكة هي صان بطرسبورغ ، فإدارة هاته المملكة وإن كانت لها مجالس وقوانين وكثير من متوظفيها تنتخبهم الأهالي لكنها في الواقع استبدادية ، حيث أن إجراء كل شيء وتنفيذه مناط بالإمبراطور ثم بخلفائه ولهم الخيار في التنفيذ وعدمه من غير تقيد بمرجع.
ولا يخفى أن ذلك الرئيس وإن كانت أغراضه لا تعم جميع الجزئيات لكنه له حواشي وأتباع فيراعى لكل منهم بعض الوجوه ولكل منهم علائق وأغراض فيتسع الخرق في المراعاة والمداراة وتجري الأمور على الشهوات ، ولهذا لما كثرت الصحف الخبرية في نفس المملكة ، وكثرت فيها الصحف الأجنبية ، وكثرت المدارس التي تعلم أصول التهذيب ، وكثرت المواصلة ببقية ممالك أوروبا بالطرق الحديدية ، انفتحت بصائر أهالي المدن الكبيرة في الروسيا وسرى الأمر منهم لمدن ثواني في جهات من المملكة ، فحصل منهم سنة ١٢٩٦ ه ثورات عديدة ولا زالت مستمرّة إلى الآن ، لكن تارة تشتد وتارة تخف في طلب إجراء الحرية والقوانين مثل بقية أوروبا ، وزادهم حملا على ذلك ما رأوه من