لقد حاز المعارف والمعالي |
|
وحيد الدهر ذو الحسب النقي |
أتت من نحوكم درر التهاني |
|
منظمة بسلك جوهري |
وكيف يفوت حظك بابتعاد |
|
وفي الأحشاء ذو ودّ خفي |
وها ولدي الزكي يروم وصلا |
|
لجانبكم بباريس السمي |
وأني ارتجي بشرى الشفاء |
|
وعودكما مع اللطف الخفي |
الماجد الزكي العالم أبو عبد الله الشيخ السيد محمّد بيرم حرسه الله تعالى. أما بعد أتم السلام فقد ورد نظمكم الرائق. وما تضمنه من التاريخ الفائق. في التهنئة بالختان وأني أهنيك بذلك كما ارتجي هناءك. بتمام شفائك. وأنت إن ترحلت عن حمانا جسما. فلم يزل ودّك مرتسما. بدفاتر الإحشاء رسما. والسلام ، من الفقير إلى ربه أمير الأمراء علي باي أمير الأمحال عفى عنه ، في ٢ رجب الأصب من سنة ١٢٩٥ ه.
ولما رجع من هذه السفرة واستقر مدة أحب أن ينظم المستشفى التونسي على النحو الذي رآه في أوروبا من إتقان المستشفيات والاعتناء بالمرضى وتقسيمهم كل قسم على حدة ، وكذلك تحسين حال المجانين إذ إن المستشفى التونسي واحد يقبل جميع المرضى. واستعان على ذلك بحكماء ماهرين أهمهم الدكتور ماسكرو حكيم الأمير الخصوصي ، وقد حسن للوزير مصطفى بن إسماعيل هذا العمل وتخصيص إحدى القشلاقات العسكريّة القديمة الواسعة لهذا الغرض ، وكانت معطلة خاوية تنعي بفراغها وإقفال أبوابها ما كانت عليه البلاد التونسيّة في العصر السالف من القوّة والاستعداد والتأهب للمكافحة والجلاد والمدافعة عن استقلال البلاد ، والقشلة واقعة في حي مرتفع نقي الهواء وفي تلك الأثناء حصلت منازعة بين الحكومة التونسيّة واحد الفرنساويين المدعو الكونت دو صانسي على أرض فسيحة تعرف بهنشير سيدي ثابت كانت تنازلت له عنها الحكومة لتحسين حالة الزرع وإنتاج الخيل ولما أخل بالشروط الّتي أعطيت له بمقتضاها ، وانتهت مدة التنازل رامت الحكومة استرجاعها وبينما هي تنازعه فيها إذا بالوزير وبعض أعوانه دخلوها عنوة فوقع لذلك هرج ومرج وانتهزها قنصل الفرنسيس الموسيو روستان فرصة لإرهاب الأمير والاستيلاء على الوزير وزيادة شوكة دولته في تونس ، فقطع العلاقات السياسية وطلب عدة مطالب للترضية أهمها عزل الوزير والتعويض على الكونت.
وكل مطلع على تاريخ تونس الحديث ملم بما كتب عن مصطفى بن إسماعيل في «صفوة الإعتبار» وغيرها يعلم أنه لم يكن أهلا لتقليد الوزارة ولا لمباشرة شؤون المملكة بأي وجه من الوجوه وهكذا جرت سنة الخلق كلما أخذت أمة في الإنحلال والإضمحلال تسلط عليها الوضيع. ونبذ الرفيع. وتقدّم الغافل. وتأخر العاقل. وتملك الغبيّ. واحتقر الذكيّ. وانتصر الجهل. وخذل الفضل. وقامت دولة الأوغاد والسفل. ليقضي الله أمرا كان مفعولا ولو لا سيطرة الظلم والاستبداد من الحكام وإلجامهم الأهالي بلجام من الجور