في النفيضة مياه معدنية نافعة للشرب والإستحمام وهي مهجورة كغيرها من منابع الثروة والتقدم.
وأما جبال هذا القطر فتتصل به سلسلة جبال أطلس التي تبتدىء من عرض ٢٨ درجة وتنتهي في عرض ٣٧ في مملكة المغرب ، وأعلى رؤوسها بين فاس ومراكش وارتفاعه على سطح البحر ثلاثة عشر ألف قدم ومائة قدم ، وفي اختراقها للقطر التونسي عدة فروع أشهرها : جبال مطماطه ، وجبل طبرقة ، وجبل الرقبة ، وجبل زغوان وهو أعلاها ، وجبل الرصاص ، وجبل أبي قرنين ، ومناخ هاته الجبال هي الجهة الشمالية والغربية الشمالية ثم لا تزال تنخفض وتضيق عند توجهها للجنوب مارة بقرب سواحل البحر إلى أن تتصل بجبال الودارنه من عمل الأعراض ، وعدا هاته لا يوجد جهة الجنوب إلّا ربىّ لا اعتبار لها وليس منها جبل بلكاني إلا جبل أبي قرنين ، فإن الآثار دالة على أنه كان في الأصل بلكان حيث يوجد في قمته العليا فوهة مسدومة الآن ، مع منابع الماء الحار المتدفقة منه ومع الإنفجار البليغ الكائن في أحد رؤوسه التي بقرب البحر في الجهة الشمالية منه ، المعروفة بضربة السيف الحادث ذلك الإنفجار الهائل بسبب الزلزال الشديد الذي هو من علايق البلكانية.
وقد علمنا مما مر أن في الحد الجنوبي الصحراء الكبيرة ، وقد قال قوم : إنها كانت بحرا متصلة بالبحر الأبيض بخليج من شطوط قابس ، ومما يستدلون به الأرض السواخة التي بين الشاطىء المذكور والصحراء ، ورام «فرديناند ديلسبس» الرجل الشهير بأعمال خليج السويس أن يحفر خليج قابس لكي يصير البحر في وسط أفريقية ، وحققوا أن سطح البحر أعلى من سطح الصحراء بما يحمل السفن الكبيرة وأن البحر يمد هناك إلى طول نحو ثلاثمائة ميل ، ورأى قوم امتناع ذلك.
ولكن المريد اشتغل الآن بخليج بنما في أمريكا فترك الكلام والعمل في بحر الصحراء.
وأما معادن هذا القطر فهي لم تزل في حجب الترك ولا شك أنها غنية نافعة ، والمحقق منها الآن المعروف هو الرصاص والفضة في كل من جبل الرصاص ودجبة.
وأولها : كان مستعملا بكثرة وآثار خدمة الرومان له العظيمة لا زالت إلى الآن ، واستخراج المعدن منه لا يحتاج لكبير معالجة ، حتى أن الاعراب تأخذ منه ما تريد ولهذا صار إسم المعدن عنوانا على الجبل ، وقد منح في وزارة «مصطفى خزنه دار» إلى أحد الطليان ثم انتقلت منحته إلى لجنة طليانية ولم تزل بأيديهم إلى الآن من غير حصول فائدة لهم ولا للبلاد.