ـ وثانيها : الآن بيد لجنة فرنساوية هي صاحبة امتياز طريق الحديد ، والظاهر من أعمالها السريعة المجدة أنها تستخدمه عن قرب وإن كانت إلى الآن لم تحدث فيه شيئا ، كما يوجد المعدنان المذكوران في جهات أخر من جبل الرقبة وكذلك قرب اسبيطله ، كما يوجد قرب هاته معدن من الذهب ، وفي وطن أولاد عون يوجد القزدير والزئبق ويوجد الحديد في الجبل الأحمر قرب «باردو» وفي دجبة ، وهو غني سهل الإستخراج في كليهما كما يوجد السيمان في الجبل الأحمر وهو غني سهل ويوجد فيه الفحم الحجري أيضا ، كما يوجد معدن المرمر الرفيع الأحمر والأخضر الذي كانت تستعمله الرومان والقرطاجنيز في هياكلهم الشهيرة ، وهو قرب طبرية. وآثار استخراج الأقدمين موجودة تعدها البوادي غير أن تأوي إليها ، كما يوجد الرخام الأسود في جبل أشكل من وطن ماطر ، ويوجد الكذال الرفيع الصلب في جبل أبي قرنين وهو مستعمل إلى الآن ويسمى محله مقطع الحجر ، وكذلك في الجبل الأحمر الجبس كما يوجد الملح في سباخ عديدة ، أشهرها : سبخة سكره ، قرب الحاضرة. وفي عشرة الثمانين والمائتين وألف أرسلت دولة فرنسا أحد علماء الطبيعات بطلب من الحكومة التونسية وطاف في جميع القطر بتدقيق ، وكتب ما يشتمل عليه من المعادن ومقدار درجتها وأماكنها لكن بعض تلك التقارير لم تصل للحكومة التونسية إلى الآن.
وأما أراضي هذا القطر فهي خصبة جدا تبعا لماء السماء وكأنها لكثرة خصبها واشتمالها على أكمل الصفات الحميدة خصت بإسم أفريقية من باب إطلاق العام على الخاص لمزية فيه ، حتى صار كأنه هو الجميع أو أن أصل الإسم خاص بهذا القطر ، ثم سمي به جميع ما اتصل به من القارة ، ويؤيده تسمية الجهة الأكثر خصبا منه بخصوص هذا الإسم ، وهي الجهة الشمالية الشاملة لماطروباجة وما بينهما ، فإنها إلى الآن تسمى على لسان العام والخاص بأفريقية غير أنهم يبدلون القاف كافا مفخمة ، وينقسم القطر إلى ثلاثة أقسام باعتبار الخصب.
فالجهة الشمالية التي هي أكثر جبالا هي الأكثر خصبا على مرور السنين ، فالمزارعون هناك لا تكاد تجد سنة لا يربحون فيها من مزروعاتهم ، ولا أقل أنهم لا يخسرون شيئا. وعلى الخصوص في هذا جهة جبال ماطر كما أن الخصب في هاته الجهات لا يتجاوز الحدود المتعارفة في الربح.
وأما القسم الثاني : فهو الجهة الوسطى من القطر والجهة الشرقية من الجنوب على قرب من البحر ، وذلك كالساحل والقيروان والأعراض وصفاقس وخصب هذا القسم باعتبار السنين وما فيها من المطر قلة وكثرة ، وحيث كان نزول المطر في تلك الجهات قليلا فكذلك الخصب قليل ، ففي العشر سنين مثلا يحصل عندهم الخصب مرة أو مرتين لكنه خصب خارق للعادة ، ويكاد السامع أن لا يصدق به أولا