وأما الحيوانات الأنيسة فيوجد منها الخيل ومنها الجياد العتيقة العراب ، وأكثر ألوانها الزرق أي الشهب المشوبة بالسواد وبقية الألوان ، كالحمر والكميت والدهم ، والشهب موجودة أيضا بكثرة غير أنها أقل من الأول ، ويوجد بقلة البلق والصفر ، وهذا الجنس يستعمل للركوب وجر العجلات بأنواعها والحرث ، ومثله البغال ، وأما الحمير فهي موجودة بكثرة لكنها لا تستعمل لركوب أهالي المدن وأعيان القبائل بل عادتهم الإستحياء من ركوبها ، وإنما تركب من عامة الاعراب والسوقة وتستعمل للحمل ومثل ذلك الإبل فلا تركب إلا كما تقدم في الحمير ، وكذلك يوجد البقر والضأن والمعز والكلاب على أنواع ، ومنها : السلوقية والقط.
وأما الطيور في هذا القطر فمنها الأنيسة وهي الدجاج على أنواع والأوز والبط والدجاج الهندي وهذا النوع اختلفت أسماؤه فترى كل إقليم ينسبه إلى جهة ، ففي تونس قد رأيت نسبته وفي غيرها بعض يقول رومي وآخرون فارسي وآخرون صيني الخ ، وكذلك يوجد الحمام على أنواع شتى ، وغير هذه الأجناس يجلب بقلة مشغلة للترف ، وأما الوحشية فمنها المقيم ومنها الرحالة.
فأما المقيم فمنه : البزويش أي عصفور البيوت وهذا النوع لا تكاد تخلو منه بلاد وإن اختلفت بشدة الحرّ والبرد ، فقد رأيته في لندره كما رأيته في مكة المشرفة لا فرق بين ذا وذا سوى تأثير في اللون ، ففي البلاد الباردة يميل لونه إلى السواد وفي البلاد الحارة يميل لونه إلى البياض ، ومنه القنابر والزريص والحمام والحجل والمقنين والشبروش ودجاج الحرث والغر والنسر والعقاب والفاس والبرني والعصفور الكانالو غير أنه يربى والزراعة وبورأس والغراب وغراب الزرع والفاخت وخادم الحجل والطوطو والمرل.
وأما الرحالة فمنها : الإوز والبط والغرنوق والكركي والدراج والسمان والبلبل والمنيار والبيبط والزرزور والابابيل والخطاف والهدهد.
وأما مدن هذا القطر فقاعدته تونس ، وهي في عرض ست وثلاثين درجة وست وأربعين دقيقة وثمان وأربعين ثانية شمالا ، وطول تسع درجات شرقا من باريس بقرب من ساحل البحر الأبيض على جون سيدي أبي سعيد على تسعة أميال منه ، يفصل بينهما بحيرة ملحة لها منفذان إلى البحر تمر بهما القوارب ، أحدهما : يمر في حلق الوادي. والثاني : بينه وبين رادس.
والبحيرة قليلة العمق بها جزيرة تسمى شكلى بها حصن قديم وعلى شاطئها على حافة البلاد مرسى للقوارب الحاملة للبضائع والركاب ، بين القاعدة ومرسى حلق الوادي ، ويتصل بهاته المرسى أي مرسى البحيرة بالحاضرة فرع من طريق الحديد الغربية ، ويقال إنه عقدت مع لجنة فرنساوية تسمى لجنة بون كالمه وهي صاحبة امتياز طريق الحديد الغربية شروط في جعل تلك المرسى مؤتمنا للسفن ،