من الإختلاط. وانتساق عموده على أقوم صراط ، لاجرم أن كان وحيد أقرانه. بنباهة شأنه.
وأما ثالثها : المسوّم. وهو الأحمر المستكمل المقوّم. واسمه أبو ليلى ، فقد جمع لما في جياد الخيل يتلى. إذ هو من صنف كحيل العجوز ، الذي هو لصفات العتاق من العراب يحوز. وعلى من جاراه في ميادينها يفوز ، فهو لا يجارى إذا ما ضمر. لأنه من خلاصة خيل قبيلة شمر.
فلعمري أن هاته الثلاثة وإن اختلفت أنسابها ، فقد اتحدت عراقتها وأحسابها ، وكل منها قد استكمل صفات الجودة والفضيلة ، واستتبت فيه محامد كل الخصال الجميلة. فلا بدع أن تبعها ما يكمل به عدد الخمس ، مما تنبسط له الروح وتنشرح به النفس. وهما الفرسان الأخضران ، اللذان استكملا صفة العتاق ولو أنهما أعجميان. وهما من جزيرة مدلي الشهيرة ، ذات النقطة المهمة من البحر الأبيض الفائزة بالخيل ذات المناقب الخطيرة ، وهما وإن افترقا هيكلا. فقد تفردا منظرا مجملا. إذ هما فرسا رهان ، متحدا الأخلاق والسمات والألوان. فاستكملت هاته الخيل مزايا التناسب ، وكانت لها جهة ملائمة بما للمتهادين من التوادد المتقارب».
وقد كان السلطان أرسل له قبل ذلك أيضا كتاب الشفاء لابن سينا في نسخة جميلة لتفحصه وتقديم كتابة بمضمونه ، وبعد مدة من الزمن صفا فيها الجوّ للشيخ بيرم من رمي الأعادي وحسد الحساد زاد السلطان في إكرامه باحتساب مصاريف إقامته في الأستانة على خزينة الدولة باعتباره ضيفا من ضيوف الحضرة السلطانيّة وذلك بأن تدفع نظارة الماليّة أجرة المنزل ولوازم البيت وقدرت في الشهر بخمس وعشرين ليرة عثمانيّة وقد استمر صرف هذا المرتب مدة ثمانية عشر شهرا أي لحين خروج صاحب الترجمة من الأستانة.
وقد بادر المرحوم بكتابة المكتوب الآتي لأداء واجب الشكر على هذه العناية السلطانيّة ونصه :
المقام الذي أناخت به مطايا البيان واستقرت ، واعترفت البلاغة بأنه وحيد عصره وأقرت. وعضد اليراع اشهادها إذ كان بعد أن جست يدها استطاعته وتقرّت. فلا بدع أن ابصرت به عين الوزارة وقرت ، وكان يمين الخلافة المؤتمن منها على ما تشا. ألا وهو صاحب الدولة علي رضا باشا. باشكاتب الحضرة السلطانيّة ، افاض الله عليه آلاءه القدسيّة ، أما بعد ، سلام تحمله أيدي التعظيم. وتحفه آداب الإجلال والتفخيم. فقد بلغ العبد ما حصل له من عناية مولانا صاحب الخلافة العظمى ، والسلطنة الباذخة المجد الشمى. فوقع مني هذا الإنعام الموقع الذي ليس وراءه حد في الإعجاب ، وهزني السرور حتى أعجزني عن التلفظ بالخطاب. كيف لا وقد لاجت من ذاك الإنعام بفضل الله علائم اخلاصي فيما اقتحمته من مفارقة وطني وكسبي وعشيرتي وخواصي كما كنت بسطته لدى جنابكم قبل أن تحدث على وطني الطامة الكبرى. المرجو من الله أن يبدل بأمير المؤمنين عسرها يسرا. من أني أعد عملي قربة لله جلّ وعلى ، إذ في ذمتي ورقبتي بيعة لأمير المؤمنين لا تبلى. ولا