الشريعة وبيان أسباب الرق ودواعيه وأحكامه وذهب فيها إلى أن العبيد المباعين الآن هم أحرار وأن منع الحكومات الإسلاميّة لتجارة العبيد هو شرعي محض لا يحتاج الحال فيه لطلب الدول الأجنبيّة ، وقد حرر قبل ذلك جوابا علميّا لبعض نبلاء الإنكليز عن سوءال وجهه إليه مضمونه : هل أن التونسيين مسرورون من دخولهم تحت دولة أجنبيّة؟ فأوضح السيد بيرم في جوابه بأن التونسيين ليسوا أقل الأمم حبا في الإستقلال والتنعم بلذائذه والغيرة على الوطن ، وأنهم مسلمون يتمنون بكل جوارحهم دوام صلتهم بالجامعة الكبرى الإسلاميّة واستدل على ذلك بأدلة عقليّة ونقليّة طويلة مقنعة ، وقد كانت من عادة صاحب الترجمة منذ كان في تونس أن يحتفل كل سنة بالمولد النبوي الشريف احتفالا شائقا واظب عليه لحين وفاته ، حتى أنه كان آخر أعماله في هذه الدنيا رحمهالله. وفي كل سنة يكتب رسالة مخصوصة في موضوع من المواضيع العلميّة يتخلص فيها لذكر المولد الشريف وقد ألّف في الأستانة رسالتين لذلك الغرض إحداهما : فيما يجب لآل البيت النبوي الكريم من التبجيل والتعظيم ، مبينا حقوقهم على المسلمين بشرط ثبوت النسب العلي حتّى لا يدخل في هذه السلسلة السامية دخيل تترتب له تلك الحقوق الواجبة. وثاني الرسالتين : فيما يجب للنبي صلىاللهعليهوسلم على سائر المسلمين.
وألف رسالة أخرى في سكنى دار الحرب وذلك عندما رأى ما طرأ على بلاد الإسلام من التقهقر المستمر نسأل الله اللطف والسلامة ، وقد ذهب في هذه الرسالة بعد شرح ما عليه البلاد الإسلاميّة الآن الشرح الكافي وايراد الأدلة والنصوص الشرعيّة إلى أن الإنسان حر فيما يختاره حسب مصلحته واجتهاده. وقد سأله بعض الأفاضل عن رأيه في مسألة الإجتهاد والتقليد مستندا على الرسالتين المطبوعتين في الاستانة المنسوبتين لملك بهوبال صديق حسن خان فشرع في الجواب غير أنه لم يتمه ، ويظهر من فحوى كلامه وأعماله الخصوصيّة أنه يرى تقليد أحد الأئمة الأربعة واجبا على حسب المشهور في مذهب أهل السنة. ولما تولى أمير تونس الحالي منصب الأمارة هنأه الشيخ بيرم بمكتوب مصدر بهذين البيتين :
ألا بعلي ملك تونس سدّدا |
|
فلا زال فخرا للبلاد موءيدا |
ونجح دعائي بأن إذ قلت أرّخن |
|
ألا بعلي ملك تونس سدّدا |
وقد توجهت في ذلك الوقت آمال أحباء قائل هذين البيتين لرجوعه إلى تونس إذ أن نفوره الذاتي كان من الوزير مصطفى بن إسماعيل الذي أفل نجمه بوفاة سيده الصادق باي ولم يبق من مانع له من العود إلى بلاده ومسقط رأسه ومدفن أجداده خصوصا و «رستان» نائب فرنسا استبدل بغيره ، وصفا الوقت وزال المقت. فكاتبه بعض المتشيعين للسفارة الفرنسويّة بتونس بمناسبة الفرصة لا سيما وقد كان وعد الأمير عند توديعه وهو إذ ذاك ولي العهد بالعود إلى الوطن عند ولايته عليه ، فاعتذر صاحب الترجمة عن كل ذلك بأن السيرة العموميّة هناك لم تبق على الحالة المألوفة ثم أن صحته لم تزل في تقهقر في الأستانة لتأثره