«علماء الإسلام ، بعد اهداء السلام ، والتحيّة والاكرام ، ما قولكم. رضي الله عنكم. في نازلة صورتها أن إمام المسلمين قد أخبر أهل قطر من المسلمين ممن هم تحت طاعته ، وداخلون تحت بيعته يخطب أئمتهم باسمه على منابرهم بأن العدوّ قد فاجأ بلاد المسلمين معلنا بالحرب ووقعت منه المباشرة بالفعل في حدود المملكة ، وكان الإمام استشعر من العدوّ ما آل أمره إليه من مباشرته بالحرب فهيأ من العساكر بحدود المملكة للمدافعة عن بيضة الإسلام نحو الستمائة ألف ، وحين اطلاعه على جيوش العدوّ وعلم ما أمكن من أخبارهم رأى الإمام أن الستمائة ألف تحتاج إلى ضم آخرين إليهم من العدد الكثير الذي تحصل به مقاومة العدد ويمكن له به مدافعة العدوّ ، فاستنفر كل من استطاع من أهالي ذلك القطر إلى الانضمام إلى حوزة العساكر ثم الذي وقع في الخارج بعد استنفار الإمام هو أن العدوّ قد استولى على بلدان وقرى من مملكة ذلك الإمام وأهاليها مسلمون جارية في تلك البلدان والقرى شعائر الإسلام ، كما استولى على قسم من مملكة ذلك الإمام سكانه نصارى يؤدون الخراج ويذعنون بالطاعة للإمام وهذا القسم له بال من المملكة يبلغ عدد سكانه نحو الخمس ملايين وقد جعله العدوّ مركزا لذخائره وعدده وعدده بما فيه من الحصون ، ومع ذلك لم يقدر العدد الوافر المهيأ من عساكر المسلمين على إخراج العدو لما تسلط عليه ، نعم حصلت للعدو مضرات أخرى من غزو سفنه وثورة قسم ممن كان تحت سلطانه من المسلمين بإعانة الإمام لهم فهل يجب والحالة ما ذكر على أحاد ذلك القطر المستنفر أهله ممن قدر على الزاد والكراع والسلاح أن ينفر للإمام ويلبي دعوته سواء كان ذلك القطر مواليا لموضع الهجوم أو بعيدا عنه؟ وعلى تقدير أن يكون الموضع الموالي أهله تكاسلوا أو عرض لهم مانع يتعلق الوجوب حينئذ بمن يلي من يليهم وهكذا أم لا يجب؟ وإذا قلنا بوجوب ذلك على الأفراد والأشخاص بذلك الشرط فلو كان هناك من له منفعة عامة كمثل عالم لا أعلم منه في البلد بفصل القضاء ، فهل ذلك مسقط للوجوب عنه أم لا؟ جوابكم الشافي».
وما فتىء رحمهالله يخلص الخدمة للبيت العثماني عند كل فرصة وبكل وسيلة ، حتّى أنه رأى رأيا ينتج عنه نفع المسلمين وارتقاء شأنهم جميعا من جهة توثيق عرى الجامعة الاسلاميّة وائتلاف ممالك المسلمين وتنظيم أحوالها على ما يضمن قوة المركز وثبات الوجود ، ومن جهة اعتلاء شأن البيت العثماني بتشييد أمر الخلافة فيه على جميع المسلمين وممالكهم وذلك الرأي هو : «أن تتحد الممالك المستقلة الاسلاميّة والولايات العثمانيّة المستقلة استقلالا داخليا ثم يصير الجميع عصبة واحدة ومملكة واحدة تحت رئاسة الخليفة السلطان العثماني».
ومن ضمن الأمور الّتي أوصى بها في روابط هذه الجامعة أن يجتمع أمراء الممالك الاسلاميّة في بعض السنين بالكعبة المطهرة لتكون شاهدا على قوة ارتباطهم ، وفي ذلك من اعلاء شأن الممالك الإسلامية ما لا يخفى على كل من أمعن النظر في نظام الممالك