أو نقحوها ، وله رسالة في صورة سؤال حرّرها في جواز شراء أوراق الديون الّتي تصدرها الممالك الاسلاميّة حتّى تبقى أموال المسلمين في بلادهم ولا يحجبهم عنها اشتباه الرباء الذي لا ينطبق في هذه الحالة عليها ، وكتب تقريرا مسهبا في شأن التعليم بمصر ذهب فيه إلى لزوم انتشاره باللغة العربيّة لسهولة تناوله وتعميمه بين العموم مستندا في ذلك على عمل العرب في صدر الإسلام وعلى عمل الأروباويين أنفسهم فإنهم لا يعلّمون إلّا بلغاتهم وقد نجحوا.
أما مصر فلما اتبعت طريقة التعليم باللسان الأجنبي لم تنتشر فيها العلوم والفنون مع طول الزمن الذي مضى من حين تأسيس المدارس فيها ، وله أيضا عدة كتابات على جملة أحاديث نبويّة شريفة وهي الّتي كان يحتفل بختمها في تونس على حسب العادة الجارية هناك في المدرسة العنقيّة الّتي كان شيخا عليها وفي سراي المرسى عند جناب الأمير الحالي ولم تتركه أيضا في مصر دسائس بعض الفرنسيس وتهمهم الباطلة فمن ذلك أن جريدة لالنترن (المصباح) الباريسيّة نشرت خبرا عن مكاتبها في القاهرة في شهر أغسطس سنة ١٨٨٩ مفاده : أن الشيخ بيرم سافر متوجها إلى الشيخ السنوسي للإتفاق معه على اهاجة نار الفتنة في السودان بواسطة المهدي والقصد من ذلك كله معاكسة فرنسا ، وصادف نشر هذا الخبر خروج صاحب الترجمة حقيقة من القاهرة ولكن لاستنشاق الهواء البارد على شاطىء البحر في جهة رأس البر بدمياط.
وقد تجول المرحوم في كثير من أنحاء القطر المصري وكان يكتب أثناء تجوله في ذهبيّة بقيّة «صفوة الإعتبار» فأتم الجزء الرابع وأول الخامس ولم يمهله الأجل لاتمامه ، فإنه كان يقصد التوسع في الكتابة عن بلاد النمسا وسويسره والمانيا ورومانيا والبلغار والصرب واليونان وهي البلاد الّتي شاهدها ، ولكن ما كتبه إجمالا عنها في الجزء الأول يمكن أن يغني القارىء عن التفصيل والإسهاب. وكان ينوي كتابة خاتمة «صفوة الإعتبار» على نمط مقدمتي «تاريخ ابن خلدون» «وأقوم المسالك» فلم تمكنه صحته ولا أجله من إخراجها من حيز الفكر إلى قوة العمل ، ونحن نورد هنا بعض تعليقات كتبها ليوسع البحث فيها في هذا الموضوع عسى أن يقيض الله من يمشي على نمطها إذ المقصود هو نفع ملتنا وإيقاظنا من غفلتنا وكفى بما جرى للأمة في القرنين الماضيين من التقهقر والتلاشي والإنحلال ، واعظا في ديوان العبر وأهم باب المبتدأ والخبر لمن يروم الإستفادة بالماضي ليدفع به غائلة المستقبل ، أما تعليقاته فهي : فيما ينبغي لنا اتخاذه وتدبير نفوسنا عليه وفيه فصول.
الأول : في زيادة نشر العلم.
الثاني : في كيفيّة الحكم وأنه ينبغي اتخاذ قول واحد من المذهبين (أي في تونس حيث الأحكام جارية بمقتضى المذهبين الحنفي والمالكي)
الثالث : في كيفيّة إدارة السياسة وما هو عمل الملك وما هو عمل كل وزير وما هو