تلك الحفلة ولم يخرج حيا وفي مدة مرضه ورد عليه مكتوب من صديقه رياض باشا ونصه :
«جناب الأستاذ :
من صميم الفؤاد قد تكدرت من خبر ما طرأ على جنابكم من انحراف المزاج الذي لم أعلم به إلّا من منذ كم يوم وادعو المولى سبحانه وتعالى أن يمنّ عليكم بالشفاء وكمال الصحة والعافية ونراكم معنا عن قريب ، وعلى أي حال أترجاكم أن لا توأخذوني والعذر عند كرام الناس مقبول.
في ١٣ ربيع الثاني سنة ١٣٠٧ ه».
|
محبكم المخلص رياض |
وقد حضر دولة الباشا المشار إليه إلى حلوان وقصد عيادته وأرسل إليه نجله ، وكذلك كان المرحوم توفيق باشا كثير السؤال عنه يوميا بواسطة طبيبه عيسى باشا حمدي ، ولما توفى أظهر لأبنائه جميل التلطف تغمده الله برحمته ، وقد شيع رياض باشا جنازة صاحب الترجمة صبيحة يوم الجمعة وكانت مودّتهما صافية خالصة ودفنه في التربة المخصوصة الّتي شيدها بقرب ضريح الإمام الشافعي رضياللهعنه وقد كتب على قبره هذه الأبيات وهي من إنشاء الشاعر البليغ حفني بك ناصف :
يا قبر أضنانا البكاء وتبسم |
|
أدريت أن الفضل فيك مخيم |
أعلمت أنك قد حويت محمّدا |
|
وتركت أكباد الورى تتضرّم |
هذا الذي كانت بدائع فكره |
|
تملي البيان على اليراع فينظم |
من عترة ثوت العلوم بدارهم |
|
فهم لطلاب الهداية أنجم |
أولاه مولاه مواهب فضله |
|
والله يعطي من يشاء ويرحم |
وأقام في دار النعيم فأرخوا |
|
في جنة الفردوس أسكن بيرم |
سنة ١٣٠٧ ه.
وقد رثاه جملة من أحبابه وكتبت الجرائد تنعيه ولنقتصر منها على ما قالته «الوقائع المصريّة» جريدة الحكومة المصريّة الرسميّة الصادرة في ٢١ دسمبر سنة ١٨٨٩ نمرة ١٤٥ : «إنا لله وإنا إليه راجعون. في آخر ليلة الخميس الماضي انتقل من هذه الدار الفانية إلى الدار الآخرة الباقية المرحوم الشيخ محمّد بيرم أحد قضاة المحكمة الإبتدائيّة الأهليّة بمصر ، وصاحب جريدة الإعلام العربيّة. وكانت وفاته رحمهالله بمدينة حلوان عقب اشتداد الداء العصبي الذي مني به من عدة سنين ولم ينجع فيه علاج الأطباء.
وفي صباح يوم الجمعة الماضي احتفل بنقل جسده من حلوان احتفالا يليق بمقامه وفضله وانتظره على محطة ميدان محمّد علي العدد العديد من رجال الحكومة السنيّة