لامروس» وهو من مشاهير فحول علمائهم في القرن التاسع عشر المسيحي حتى أن كتابه «في الجغرافية الطبيعية» الموسوم بالدراسة الأولية عليه مدار تعاليمهم في المدارس واختير للتعريب ليعلم ويعمل به في المدارس المصرية.
وقد صرح هذا في كتابه المذكور في مبحث الجو وكرة الهواء ، بقوله : «وإذا فرض زوال التثاقل العمومي من الهواء فإنه يتشتت في الفضاء» إلى أن قال : «لكن الحكمة الإلهية اقتضت الآن حفظ الأشياء وضبطها في مواضعها الشاغلة هي لها بموجب قوة مجهولة ذاتها لا فعلها تسمى بالجذب وهي كلمة يعلم منها الفعل لا السبب إذ هذا الأخير مع كثرة بحث الطبيعيين عنه وتفتيشهم عليه لم يزل مجهولا إلى الآن وعلى المتولع بدراسة العلوم أن لا يأخذ بظواهر مثل هاته الكلمات العلمية التي يوضح بها سبب أو أسباب طبيعية مجهولة لحادث من الحوادث ، فإذا قيل : هنا مثلا : إن الأجرام تزن أو تثقل لأنها مجذوبة لغيرها أو أنها جارية على مقتضى نواميس الجذب كان ذلك الدور المعيب (الخ كلامه)». ثم إن الإعتبار بأحوال الأرض المشار إليها في الآية الكريمة هي من جهات :
أولها هيئة الأرض : وهي كونها جرما عظيما ، حتى أن مقدار ما يصل إليه بصر الإنسان منها يراه مبسوطا مع أنها هي كرة ، قال العلامة الرازي (١). ما معناه : «أنه لا ينازع في كونها كرة إلا من لا تدبر له». وقد ألف الشيخ محمد بيرم الثالث (٢) قدّس سره رسالة في ذلك استدل على تكويرها بكلام الحكماء والفقهاء وأهل الباطن ، وها نحن نسرد هنا نبذة من ذلك مع اختصار وزيادة.
فأما كلام الحكماء : فمنه ظهور أعالي الأشباح من بعد ، ومنه ارتفاع الشمس والكواكب في جهات من الأرض بخلاف جهات أخرى حسبما حرر ذلك بموازين أخذ الإرتفاع.
وأما كلام الفقهاء : فقد ذكروا في كثير من المسائل أنه لا عبرة باختلاف المطالع في الصوم فيجب على أهل المشرق برؤية أهل المغرب للهلال ، لأن الوجوب معلق بشهود الشهر لطائفة من الناس بخلاف الإمساك والفطر فإنه يكون لكل أهل قطر بحسب ما عندهم ، لأن الوجوب معلق بدخول الوقت للمكلف ، وذكروا في الصلاة أن بعض الجهات تطول فيها الأوقات وبعضها تقصر حتى يفقد بعض الأوقات كالعشاء في بعض الجهات الضاربة إلى أقاصي أحد القطبين ، وذكروا في المواريث إذا مات متوارثان في يوم واحد
__________________
(١) هو محمد بن عمر بن الحسن التيمي البكري أبو عبد الله فخر الدين الرازي (٥٤٤ ـ ٦٠٦ ه) مفسر عالم بالمعقول والمنقول وعلوم الأوائل. توفي في هراة. الأعلام ٦ / ٣١٣ وفيات الأعيان ١ / ٤٧٤ مفتاح السعادة ١ / ٤٤٥ طبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٣٣ معجم المطبوعات ٩١٥ الوافي بالوفيات ٤ / ٢٤٨.
(٢) هو محمد بيرم التونسي الثالث (١٢٠١ ـ ١٢٥٩ ه) انظر معجم المطبوعات (٦١٣).