السابع والثلاثون : للوزراء حق في حضور المجلس والإقتراع فيه اه.
فكان الإمبراطور يرى أن هاته القوانين ترضى عنه جميع الأهالي سيما بعد رجحان انتخابه من الجمهور ، وقد كانت إذ ذاك المشاحنة بين فرنسا وبروسية في ازدياد كما تقدمت الإشارة إليه في أخبار إيطاليا غيرة من فرنسا على ما نالته بروسية من الشهرة والإنتصار على النمسا مع وعد بروسيا سرا لفرنسا بأنها إذا تم قصدها فإنها تساعدها على تعديل حدودها جهة نهر السين وتعدو عن حقوقها من وضع العسكر في لكزنبورغ وإدخالها عضوا في العصبة الجرمانية مع أنها تحت تملك ملك هلاندة ، ولما حصلت بروسية قصدها ماطلت تلك الوعود السرية التلويحية فهاجت لذلك فرنسا وكان من تخمينها أنها إذا شهرت الحرب على بروسية تعاضدها النمسا عليها انتقاما مما حصل لها في سنة ١٢٨٦ ه ١٨٦٩ م ، وبينما الأمر على ذلك وإذا بأهالي إسبانيا خلعوا ملكتهم وطلبوا أن يولي عليهم الأمير «دوهوهنزولرن» أحد قرابة ملك بروسيا ، فارعدت فرنسا لذلك وأبرقت وتداخلت انكلاتيرة في طلب إبقاء السلم لكن الإمبراطور نابليون أبى إلا الحرب وإلا فإن الأمير المطلوب إلى الولاية على إسبانيا رفض طلبهم ولم يقتنع بذلك الإمبراطور بل ذهب سفيره في برلين إلى ملك بروسيا في غير وقت وغير محل معتاد وأغلظ عليه الكلام بأن يتعهد هو بأن لا يقبل الأمير المذكور في المستقبل الولاية فألان له الملك الكلام لكنه امتنع من ذلك التعهد.
وهاجت ألمانيا جميعا على ما لحق الملك من الإهانة كما أن فرنسا غلت بطلب إعلان الحرب ولم يخالف إلا قليل من عقلائهم مثل «تيرس» ، فانتهزها نابليون فرصة لاشتغال فرنسا بالحرب عن الهيجان عليه إذ أنه وإن حصل على أكثرية الإنتخاب لكنه كان على يقين من أن حزب النفوذ كاره له ومنتقد عليه ، وكان وزير الحرب بفرنسا أعلن للمجلس بأن العساكر مستعدة كلها وأنها تتجاوز المليون وأن الحرب ولو دامت سنين فلا يحتاجون إلى زرة لباس ، وابتدأت فرنسا بإعلان الحرب وتقلد نابليون رياسة العسكر بنفسه وأناب زوجه في الملك ، فاتحدت ألمانيا على الدفاع وبقيت الروسيا معاضدة لألمانيا معنى لاتفاقها معها سرا فكانت بالمرصاد من النمسا لكي لا تعين بروسيا مع ما في نفسها أي النمسا على فرنسا من إعانتها لإيطاليا ومساعدتها من قبل لجرمانيا فلم تتداخل بشيء ، وما مضت تسعة عشر يوما من ساعة الإعلان بالحرب حتى وقع نابليون أسيرا بيد عدوه إذ في نفس الأمر لم تكن فرنسا مستعدة وكانت الأموال المعينة لمصاريف الحرب تصرف فيما يراه الإمبراطور ، حيث كانت الوزراء مسؤولون له لا لمجلس الأمة فيتصرف بهم كيفما أراد ، وكان يظن أنه بسرعة الهجوم يحصل على بهرجة الإنتصار ويعجل إلى عقد الصلح. لكن ألمانيا كانت له جواسيس من أعيانها في جميع دواوين فرنسا وفي قصور رجالها على صورة خدمة وغيرهم مع كمال استعدادها وتمرن أهاليها على الحرب ، إذ هي دولة عسكرية من قديم وأهالي فرنسا غلب عليهم الميل إلى التنعم ، فالتقى مركز الجيشين في سيدان من