ضمنا الباي في المطالب الحقانية لأننا نتعرف بتونس كمملكة مستقلة وأما الحالة في الخلطة الآن مع الباب العالي فهي مخالطة محبة وميل طبيعي وبودنا أن لو كنا رأينا نازلة تونس في منظر آخر غير التي هي عليه الآن ، ولكن قد بان ما يجب علينا مما ذكرناه سابقا وإننا نقدر أن نستفهم من الباب إذا كان باي تونس هو وال من قبلهم ، فلماذا لم يمنعوا سيرته التي فعلها نحو فرنسا منذ عامين؟ ولماذا لم يفتشوا ليمنع التحير الموجود الآن الذي نحن منذ زمن طويل كنا نسعى في عدم إيقاعه؟ ويلزم لهذا التميز الذي نحن مجتهدون في حصره أن ينتهي بشروط تؤمن حدودنا من الهرج المستمر والتشويش المغري لباردو إما من غيره أو من نفسه فهذان هما المقصدان لإرسال العساكر ، ولا نخف عند ما نقول أن لنا في أوروبا بالرضاء العام في جميع الجهات عدا الجهات التي بها النظر الفارغ المطمس للعقول ، وهذه هي أيها السيد التي خيمت حول الباب وحول تونس ومن كلا الطرفين فنحن مشمولون بالمحبة وجميع ما نرجو من الباي هو أن لا يكون عدوا لنا ، ولو أن المملكة تنظر لفوائدها فتقدر أن تحصل من إتحادها معنا فوائد لا تحصى أكثر مما نحصله نحن منها ، ونقدر أن نأتي لها بكل خير من العمران الحاصل عندنا. ففي سنة ١٨٤٧ فعلنا فيها البريد ، وفي سنة ١٨٥٩ وسنة ١٨٦١ فعلنا التلغراف ، وفي سنة ١٨٧٧ وسنة ١٨٧٨ فعلنا «الشمندفير» الذي طوله ٥٠ فرسخا من حدود الجزائر إلى تونس ، وفي هذا الزمان نفعل لها شمندفرين جديدين ، أحدهما : يربط تونس بابن زرت من جهة الشمال وطوله ٢٠ فرسخا ، والآخر : يربط تونس بسوسة من جهة الجنوب.
وسنبتدىء عن قريب في ابتداء عمل مرسى في تونس نفسها لتدخل المراكب من الشط ومن حلق الوادي حتى إلى ذات القاعدة ، ودين تونس وإن كان رأس ماله مشترك بين فرنساوي وإنكليزي وطلياني لكنه إذا اعتبرت النسبة فيوجد ثلاثة أخماسه لفرنسا وأن الحنايا الجميلة لإدريان التي تأتي بالمياه العذبة لتونس قد أصلحها أحد المهندسين الفرنساويين ، ولما ترجع الخلطة الطيبة فإنا لا نزال نفعل أشياء حسنة ومنارات على الشطوط وطرقا داخلية توصل بين البلدان العامرة الناجحة ونسقي الأرض بالترع الكبيرة في البلاد التي بها أنهر كثيرة ، ولكن هاته البلاد أهلها ليسوا معتنين بتلك الأنهر وكذلك الغابات ، وكذلك نعمل استخراج المقاطع الموجود بها كل نوع من المعادن ، وكذلك ترتيب الفلاحة في الأراضي الحسنة التي للأجانب في المملكة والتي للأهالي أيضا ، وكذلك استعمال المياه المعدنية التي اكتشفها الرومانيون واستعملوها ، وبالجملة إن مملكة تونس خصبة وغنى قرطاجنة القديمة يدل على ذلك وتحت الحماية الفرنساوية يمكن أن تزال جميع الحجب عن المنافع الطبيعية في هاته البلاد وتنتشر بقوة وبشدة الترتيب الجديد نقدر أن نزيد أشياء أخر ، وهي أنه إذا كان الباي يعتمد علينا في الترتيب الداخلي في المملكة فإنا نفعل تعديلا لازما قارا وهذا الخير الذي يسهل علينا عمله ، منه : ترتيب كيفية قبض المدخول وترتيب المخروج وترتيب دفاتر الحساب على مقتضى ما نستعمله