الحدود وغيرها واستندت في عملها لما تضمنته لائحة وزير خارجيتها إلى سفرائه وهذا نص تعريبها.
باريس ٩ مايس سنة ١٨٨١ أيها السيد أتشرف بأن نرسل لكم جملة رسائل في شأن تونس ونريد أن نحقق لكم المقصود إجمالا ونخبركم عن سبب إرسال العساكر الآن وعن النتيجة التي نرجو إتمامها ، فكم من مرة قد عرفت الدولة الجمهورية بدواعيها ومقاصدها وأنتم تتذكرون ذلك خصوصا ما صرح به السيد رئيس الوزراء في المجلس العام ، وهو لا يمكن أن يكون فيه أدنى شك من جده وصدقه ومع هذا فإني أريد زيادة إيضاح لكم لينفعكم لدى الدولة التي أنتم عندها فنقول : إن سياسة فرنسا في تونس ليس لها إلا مقصد واحد وهذا المقصد الذي يكفي لوضوح موضوع سيرتنا منذ خمسين سنة نحو المملكة هو الواجب علينا لحفظ راحة مستعمراتنا العظمى الجزائرية ، فمن سنة ١٨٣٠ لم تأت دولة من الدول المتتابعة وتركت هذه الهمة العظيمة وإنا لنعمل الواجب علينا لحفظ مستعمراتنا الإفريقية التي لا يوجد أحد من أوروبا أنكر علينا ذلك فيها لحفظها من جار عدو كثير الأراجيف ، وقد كانت القبائل التونسية مخوفين ومحاربين حتى فيما بينهم وقد فاق على الجميع قبائل وشتاتة والفراشيش وخمير ولا تعرف كمية المحاربين ولا كمية قوتهم ، فلذلك التزمنا الآن أن نرسل من العساكر عشرين ألفا وهذا مما يدل على قوتهم أي الأعداء المتحصنين في بلاد منيعة تقريبا ، وكان الداعي الأول لإرسال العساكر هو قهر قبائل حدودنا الشرقية ولكن لا فائدة في تقرير الأمن والراحة وأعداؤنا لا زالوا يهددوننا ، ونحن لا نخاف من الهجوم الكبير المنسوب لباي تونس إذا كان منه وحده لكن النظر القليل في العواقب ألزمنا التحري من اتحاد الباي مع غيره ، وهذه التشويشات يمكن أن يأتي لها وقت وتقلقنا كثيرا في الجزائر وتصل حتى إلى فرنسا ، فيلزمنا بناء على ما ذكر أن يكون لنا عند الباي محبة كبيرة واتفاق قلبي ، ويلزمنا جار يعوضنا المحبة التي لنا عنه ولا يسمع التشويشات الخارجية لضررنا واستحقار قوتنا الراسخة ، وقد وضحنا من نحو أربعين سنة بأنه يلزمنا لمحافظة فرنسا الجزائرية أن نحصل في المملكة على قاعدة راسخة ونحن نحترم بالتدقيق منافع الأجانب وهم يقدرون أن يتوسعوا بثبات مع فوائدنا ، والدول يتحققون أن مقاصدنا من جهتهم لا تتغير وإلى هاته المدة الأخيرة اتحادنا مع دولة الباي المفخم مستمر ، إلا ما يحدث أحيانا من الإختلاف في دفع تعويضات لقبائلنا المضرورين. ثم في الحين يرجع الإتحاد ويزداد ثبوتا بعد هاته الإختلافات الصغيرة ، إلا هاته المدة الأخيرة فإنه بأسباب يصعب الإطلاع عليها قد تغير ميل الدولة التونسية إلينا دفعة واحدة وكانت إذ ذاك الحرب ساكنة ، ثم لا زالت تزداد إلى أن وضحت وتقوت ومبناها ضد كل الإمتيازات التي حصلت للفرنساويين في تونس مع شدة الإرادة الرديئة إلى أن وصلت لهذا الحال وهذا هو السبب الثاني لإرسال العساكر الذي كنا نود التجنب منه.
ولكن بسبب السيرة الرديئة التي طالما صبرنا عليها التزمنا بما هو واقع ، ولو أننا بها