المتداولة بين الأمم الشهيرة وإن كانت بأثمان غالية ، فقد أخبرت فيها بوجود مطبخ خاص بأطعمة الترك والعرب وأوتيت منه بصحن كبير مملوا كسكسوا بلحم الدجاج ، وصحن آخر بالبامية المعروفة في تونس بالقناوية ، وثمنهما مع أجرة الحمل إثنان وأربعون فرنكا ، وهما يكفيان لشبع ستة أنفس طبخهما لذيذ على نحو الأصل ، كما أنك تجد فيها جميع الغلال من جميع الأقطار لأي وقت كان بل قد أتوا بعشوش نوع من الخطاف في الهند والصين يصنع عشه بنبات بحري ويطبخونه ويأكلونه ، أعني ذات العش بما احتوى عليه من زرق أفراخ الخطاف ويستلذونه ويمدحونه ، وأغرب من ذلك أنهم يأكلون الضفادع ويستلذونها أيضا بحيث يصح أن يقال أنهم يأكلون كل ما يؤكل ولا يكون قتالا أو مضرا عاجلا غير أن الأكل العام هو الدقيق من القمح ولحم البقر ، وللفقراء لحم الخيل أيضا والضان أقل استعمالا من البقر وفي القرى وشبهها يأكلون الشعير والذرة والبطاطس ، والفقراء أكثر استعمالا للخنزير من الأغنياء والأكل في القرى والبلاد الصغيرة أسلم من المدن والأمصار من الغش بالخلط للأشياء المضرة كالقهوة مثلا لا تكاد تجد قهوة في باريس مطبوخة غير مخلوطة بالسريس ، وهو نوع من البقول ، ثم إن أهل المدن لا يصنعون الخبز في بيوتهم ولا يدخرون الأقوات وكل شيء يشترى من السوق يوميا إلا قليلا من السكر ونحوه ، ويشترى أسبوعيا أو شهريا ، واللحوم المشوية أو المقلية يجعلون في نوع منها قطعا صغيرة من شحم الخنزير بحيث يشاهد عيانا كالمسامير في اللحم ، وبعض الطيور يشوونها ويجعلون عليها نحو رداء من الشحم المذكور كما يجعلونه أحيانا في بعض أنواع المرق في ألوان الطعام الذي يكون مع اللحم شيء من المرق ، وكيفية الذكاة في أوروبا عموما حسبما علمت أن البقر بعد أن يربط من قرونه يمينا وشمالا ومن أرجله أيضا حتى لا يستطيع الحراك وهو واقف يضرب على جبهته بمطرقة عظيمة من الحديد ضربة أو إثنتين حتى يغمى عليه فيذبح ويجمع دمه ليعمل منه نوع من الأكل في المصارين وبعضهم يكتفي بالقتل بالضرب على الرأس لكنه نادر وقد أبطل في إيطاليا منذ سنة ١٢٩٨ ه وألزم الحكم بالذبح بحيث لا يباع غير المذبوح.
وأما الغنم : وشبهها فتذبح ابتداء.
وأما الطيور : فالإوز ودجاج الهند وأشباهها مما هو طويل العنق فيذبح ذبحا.
وأما الدجاج : فيجذب عنقه إلى أن ينقطع النخاع فيموت وينحصر الدم نحو الدماغ فيتجمد ويؤكل على حدة.
وأما الحمام : فالأكثر ذبحه وتارة يخنق وتارة يكسر ظهره مع قطع النخاع فيموت وإذا تقرر هذا فلنذكر حكم طعامهم شرعا فطعامهم إما أن يكون من الخنزير ومثله الحيوانات المحرمة عندنا كالسباع ، وإما أن يكون من الحيوانات المذكاة أي التي هي حلال عندنا وإنما يتوقف أكلها على التذكية وإما أن يكون من غير ذلك من المأكولات كالنباتات والمعادن والسمك ، وكل منها إما أن يتخذ لعادة كسائر المآكل المعتادة أو يتخذ لعبادة