الفرح هو ابن ولي العهد وكانت قرابة زوجها يسمعن ذلك ، فثار عجاج النازلة إلى أن رفعت لدى مجلس الحكم لكي يستطيع الرجل طلاقها ، وادعى وكيلها أنها اعتراها جنون من النفاس حتى صارت تقول ما لا أصل له ، وادعى وكيل الزوج أن الخلطة حاصلة من قبل مع ولي العهد وكانوا يتزاورون ويتنزهون معا ، فقضى الحال باستدعاء الشهود ومنهم ولي العهد وعند حضورهم في المجلس الذي هو علني وحاضر فيه كتاب الأخبار وغيرهم ، قال القاضي علنا : ينبغي أن لا يسأل الإنسان عما يستهجن أو يشين العرض وينبغي للشاهد أن لا يجيب إذا سئل عما يشين عرضه ، ثم دعي بولي العهد فسأله عن معرفة المرأة؟ فأجاب بمعرفتها ، ثم سئل عن اجتماعه بها؟ فأجاب إلى أن قال : إنهما اجتمعا في منزل من المنتزهات للطعام فشربا وأكلا وبقيا حصة بعد الأكل في محل خاص ثم رجع كل منهما إلى محله بعد قضاء التنزه ، فقال له القاضي الذي نبه بما سمعته أسألك : هل واقعت هاته المرأة عند الخلوة؟ فرفع ولي العهد صوته قائلا : لا ، فضج المجلس له بالتصفيق وحكم القاضي ببراءة المرأة وبقاء الزوجية ، وإنما الأعيان يتحاشون عن بيع الزوجات لكنه شائع في السوقة وصحفهم تنشر منه شيئا كثيرا.
ومن عاداتهم اللكام وهو أنه كلما عرض لأحدهم حنق على صاحبه ألا تبادر بضرب جمع الكف وعندما يغلب أحدهما كثيرا ما يصافح صاحبه ويتراضيا ولا حكم في ذلك ولا يحصل هذا بين الأعيان وإنما يتعاوضون عنه بالمقاتلة كما هو جار في الممالك الأخرى من أوروبا ، وهي أنه إذا اشتدّ الغضب بين إثنين على شرط التكافىء في العرض يرمي أحدهما لصاحبه بقفازيه أو شيء من متاعه ، ثم يرسل له شاهدين يطلب منه التقاتل فيعين الآخر شاهدين ويتفق الشهود على آلة التقاتل ومكانه وزمانه بعد أعمال ووجوه للتراضي وإسقاط الطلب فإن لم يجد أحضروا طبيبا وحضر المتقاتلان والشهود والطبيب وتقاتلوا على الصفة المتفق بها فإما أن يموت أحدهما أو يسلما أو يحصل عطب فيعالجه الطبيب وينفصل الأمر ، فإن لم يجب أحدهما للقتال صار ذليلا أمام الناس وصاحبه وقدر صاحبه مهما لاقاه أن يهينه بما بدا له ، وهذا التقاتل وإن لم يكن مباحا بالأحكام لكن الحكومات غاضة النظر عنه بمعنى أنها لا تحتسب عليه وإن أضاع واحد شرفه بالشكاية فيه حكم له لكنه يهان ، فهو وإن كان فيه ما ينبىء عن علو الهمة والشجاعة غير أنه من أعمال الهمج لأن الحكومات إنما أقيمت لدفع التعديات وإلغاء الأغراض الشخصية المضرة بالغير فعجبا لبقاء هاته العادة في أوروبا بل والعجب من إزديادها تدريجا.
ومن عادة الإنكليز التطير بأشياء كثيرة منها صباح المرأة الحولاء ما لم تتكلم ، ومن الجهل العام لا سيما في عامتهم إلى أقوال المتكهنين وأصحاب الحدثان وإنزعاجهم من أخبارهم حتى يقتلون أنفسهم وكثيرا ما يقتلون أنفسهم وأولادهم خشية الإملاق ، وكثيرا ما تلد المرأة أربعة أولاد في بطن واحد وتكاثر الخلق عندهم في ازدياد حتى لا يجدون شغلا في بلادهم فترى مئات الألوف يهاجرون سنويا إلى الآفاق لتحصيل الكسب ، ومع ذلك