أحد الأقاليم ، وحينئذ يرى من إكرامهم وتنعيمهم له بإشتراكه معهم فيما هم عليه ما يقربه عينا من القنص واللهو واللعب والمراكب والمآكل والمشارب والمنازه حتى يكون لبعض هؤلاء العلية مراكب خاصة في طريق الحديد محتوية على سائر اللوازم يسيرون بها إلى حيث أرادوا ، ويولونه أي الضيف من ملاطفة نسائهم وإكرامهن له بإعطاء قدح الشاي من يد العناء ما هو عنه في غناء من المحافظة على الآداب والقواعد المعروفة لديهم كعدم التهوع ولا حك جهة من بدنه ولا التدخين ، ومن عجيب أطوارهم فيه التناقض التام فبعض نسوتهم يكرهون شم أثره على الثياب وبعضهن يدخن كالرجال ولن ترى من واحد من هؤلاء ذوي الملايين أو آلاف الملايين يتكرم بشيء ذي قيمة ونهاية التوادد بالهدية هي صورته أو ما شاكلها مما قيمته إذا تناهت تبلغ ألف فرنك ، بل كاد أن لا يوجد من يتصدق منهم على الفقراء إلا أن يكون لرياء أو سمعة ، فلو مر أحدهم على فقير يتضوع جوعا لما رأى له من داع إلى مرحمته حيث أنه يعلم أنه يعطى سنويا إلى ديار الفقراء مقدارا من المال ، فلا يهمه أن يكون ذلك الفقير الذي يراه في حالة النزع من البرد أو الحر أو الجوع أنه لم يمكن له الوصول إلى تلك الدار أو أنها لم يكن فيها سعة لقبوله.
وأقول أن هاته الخلة كادت أن تكون عامة في أوروبا إلا قليلا منهم فإنهم يجرون على حسب مكارم الأخلاق ، وأما أطوار الطبقة السفلى فهي أشنع مما مر ذكره في همج الفرنسيس ، سواء كان من جهة الإعتقاد أو من جهة السيرة والحركات فيتطيرون من أشياء كادت أن لا تحصى وينقادون إلى السحرة والدجالين بما يخرج عن حد المعقول ، وكاد التعلم أن يكون عندهم مجهول لإسم فضلا عن المسمى سوى ما يرطن لهم القسوس في الكنائس ، ومن هذا القبيل اعتقاد عامة أهل أرلانده أن انقطاع الحيات من جزيرتهم بسبب قسيس مع أنها أفقدها الثلج والبرد مع عدم الإتصال بالقارة حتى يخلفها غيرها ولهم في ذلك خرافات ، والحاصل أن صفة الإنكليز على الإجمال هي السكون والرزانة والتجافي عن الغريب إلا بواسطة في التعرف حتى لو بقي بين أظهرهم سنين لا يكاد أن يقول له واحد أسعد الله صباحك ، كما أن من طبعهم الإقبال على الشغل والجد فيه وعدم الإيمان بالقدر حتى إذا يئس أحدهم من المال قتل نفسه ، فكثيرا ما تسمع بذلك وبقتل الآباء لأولادهم وكذلك الأمهات والعكس ، ومما يحصل عندهم من الوقاحة أحيانا مضاجعة الأب إبنته والأخ أخته لكنه لم يسمع بمضاجعة الابن أمه ، ومنها أيضا بيع الزوج زوجته لمن يحبها ويمضي لهم الحكم ذلك فأعجب لقوم يحتسبون على بيع الرقيق في الآفاق ويحكمون بصحة بيع الزوجة بفلس أو فلسين لأن الطلاق عندهم له شروط ، وهي ثبوت الفاحشة من الزوجة لدى الحكم.
ومن غريب الوقائع في هذا الصدد ما وقع منذ عهد قريب ونشر في سائر صحفهم وغيرها ، من أن زوجة أحد اللوردات ولدت وعندما بشرت بأنها ولدت ذكرا قالت من