والغبار بسرعة الرتل ، وإن أغلقها حميت عليه نار لظى. وحالة البلدان في الحر كما مر ، ولذلك لم نطل الإقامة هناك وتوجهت إلى «ليفورنو» التي هي على البحر كما سبق وبقيت بها حتى توجهت منها «لسفيسرة» ثم عدت إليها مارا على مدينة «ميلانو» التي أعد فيها إذ ذاك معرض عام لمصنوعات إيطاليا ومخلوقاتها ، فإذا هي أي «ميلانو» أجمل بلاد إيطاليا وأكثر حضرية وانفردت بالسوق المسمى «القلارية» الذي هو في غاية الجمال والبهجة ، ومن غرائبه أنه توقد قبته الوسطى بمزجية تمر على طريق حديدية لسرعة الإيقاد للبخار الغازي وهي مزجية صغيرة نحو ذراع طولا ، وأما المعرض فهو أنموذج من معرض باريس الآتي ذكره ، وإنما هذا أصغر بكثير وخاص بمتعلقات إيطاليا. وشاهدت فيه تجربة جر الرتل بالقوة الكهربائية السارية في قضبان طريق الحديد ، لكن التجربة أفادت أنهم لم يبلغوا المراد لحصول الوقوف أحيانا عن غير اختيار ، لكن بلغني فيما بعد أنه تم أمره في ألمانيا وصار مشتغلا به.
فصل : في تعريف إيطاليا
اعلم أن إيطاليا قسم من أوروبا الجنوبية وهي شبه جزيرة في البحر الأبيض تتصل من جهتها الشمالية بالقارة فيحدها شمالا «اسفيسره» وفي الشمال الشرقي «النمسا» وفي الشمال الغربي «فرنسا» وفي الغرب والجنوب «البحر الأبيض» وفي الشرق «بحر البنادقة». وهي على شكل مستطيل من الشمال إلى الجنوب بميل إلى الشرق على هيئة تشبه جزمة ذات عقب ومهماز ، وقبالة منتهى أصابع القدم جزيرة «صقلية» «المسماة الآن «بسيسيليا» يفصل بينهما خليج ضيق يعرف بخليج «مسينا» وتبتدىء من الشمال من عرض ستة وأربعين درجة وأربعين دقيقة ، وتمتد إلى الجنوب إلى عرض سبعة وثلاثين درجة وخمسين دقيقة من العرض الشمالي ، وتبتدىء جهة الطول من باريس من الدرجة الثالثة وخمس وأربعين دقيقة إلى ستة عشرة درجة وخمس دقائق ، فنهاية طولها نحو ألف ميل وذلك من جبل «مون بلانه» إلى رأس «سبارتيفينتو» وأما عرضها فيختلف جدا ، فمن جهة الشمال نحو ثلاثمائة وستين ميلا ومن جهة الجنوب نحو مائة وخمسين ميلا وفي بعض الجهات الوسطى نحو أربعين ميلا فقط ، ولها عدة جزائر أشهرها وأكبرها ، جزيرة «صقلية» وجزيرة «سردانيا» ولها قرب تونس جزيرة «بنتلريا» فهي ذات شطوط وسيعة جدا وبها كانت دولتها دولة بحرية.
وأما جبالها : ففيها عدة سلاسل ، فمنها : جبال «ألبا» وجبال «البنين» وجبل «كورنو» وهو أعلاها وارتفاعه على سطح البحر ٩٥٢٠ قدما ، وجبل «فيلنيو». وفيها عدة جبال بلكانية منها ما انعدم وصار عوضا عن فوهة النار بحيرات مثل : «بحيرة رسيمين ، وبرسيانو ، وبلسنا» كلها في الجبال ، وأما الباقي منها بلكانا فهو جبل «الفوزوفيو» قرب «نابلي» الذي ارتفاعه ١٢٠٠ ميتر ، وجبل «اتنا» في سيسيليا وارتفاعه ٣٣١٣ ميترو والثلج دائم عليه ، وجبل «الترنبل» في جزائر ليبرى ويظن أن بين هاته الثلاثة منافذ تحت الأرض ، وبقرب