حدود نجد ، وهذا الحجاز أحد أقسام جزيرة العرب الخمس وهي :
اليمن وهو القسم الجنوبي منها الممتد على شاطئها على المحيط الهندي إلى أن يصل إلى خليج فارس.
والحجاز هو القسم الثاني وهو القسم الغربي منها الممتد على شاطىء البحر الأحمر.
ويليه شرقا القسم الثالث وهو نجد يتصل شمالا بالشام ويحده غربا الحجاز وشرقا العراق وجنوبا اليمامة.
والقسم الرابع تهامة وكان مقره بين الحجاز واليمن ويمتد من البحر الأحمر إلى أن يتصل باليمامة على خليج فارس فيحده جنوبا اليمن ، وشمالا الحجاز ، ثم نجد ، وشرقا اليمامة ، وغربا البحر الأحمر. وقد اضمحل هذا القسم في اعتباره السياسي ، وصار مقسما بين جيرانه.
والقسم الخامس هو اليمامة وهي يحدها جنوبا اليمن ، وشمالا العراق ، وشرقا خليج فارس ، وغربا نجد ، وكذلك هذا القسم صار في السياسة تابعا أغلبه لنجد ، فتلك الأقسام هي الأقسام الأصلية ببلاد العرب التي كانت معتبرة أقساما أصلية للقارة وإن كانت لا فرق بينها من جهة طبيعة الأرض ، غير أن القسم المشهور بحسن الهواء وخصوبة الأرض وجودة الحيوانات فهو قسم نجد ، وطال ذكره في أشعار العرب وامتداحه بينهم ، وأما بقية الأقسام كلها فما كان منها مرتفعا فهو جيد الهواء وخصب النبات وما كان منخفضا فهو حار أجدب وعلى ذلك النحو ما نحن بصدده وهو الحجاز وقد علمت حدوده الآن.
وأما جباله فهي كثيرة وإن شئت قلت إنه كله جبال قحلة صخرية متشققة سوداء من شدة الحر وليس بها جبل بلكاني ، غير أنه في مستهل جمادى الثانية سنة ٦٥٤ ه حصل في المدينة المنورة وما حولها زلزال شديد دام أزيد من ثلاثة أيام بلياليها ، ثم أعقبه خروج نار هائلة من جهة جنوب المدينة على مرحلة منها من جهة الموضع المعروف (حبس وسيل) ،
وسالت النار في وادي أحيلين كالنهر العظيم تحطم جميع ما مرت به وتجعل الصخور ذائبة مائعة تجري كالنهر العريض العظيم ، وامتد سائلا إلى قرب المدينة أي إلى أن بلغ حرمها فصرف عنها ذات الشمال ووقف وانطفأت النار بعد أن كانت ظهرت أول يوم نهار الجمعة كالقتام الأسود الذي عم الأفق حتى أظلم الجو وظنوا أن الشمس والقمر قد كسفا ، ثم لما أظلم الليل ظهر ضوؤها وعلا في الجو إلى أن رئيت من حول بصري ومن مكة والطائف ، وكان لها دوي كالرعد ونهرها يغلي بأمواج كالبحر من النار المتلاطمة وتقذف في الهواء الصخور كالجبال والمدن ، ونهرها ذو ألوان زرق وحمر ورعبت منها قلوب الناس والتجأوا إلى ملاذ الخلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلما بلغ سيلها إلى حرم المدينة صرفت وانطفأت ومع عظيم لهيبها وسطوع ضوئها على الأماكن البعيدة لم يصل من حرها إلى المدينة المنورة شيء ، وكان النسيم يأتيها باردا وكان خروج تلك النار إحدى معجزاته