جميع جهات إيطاليا وأعانوا الساردو والفرنسيس ، واستعرت الحرب وكان ملوك الدول الثلاث في معسكراتهم وإن كان قسم وحدة إيطاليا كله تحت رياسة إمبراطور الفرنسيس ، وانخذلت النمسا ووقع الصلح المسمى بصلح «زوريك» نسبة للبلد التي أمضيت فيها الشروط وبمقتضاها سلم إمبراطور النمسا في مملكة لمباردية إلى إمبراطور الفرنسيس وهو أحالها إلى ملك سردانيا كما سلم له هذا في ولايتي نيس وساقويا وذلك سنة ١٢٧٦ ه سنة ١٨٥٩ م.
وبينما كانت الحرب مستعرة في ميادين لمباردية وإذا ببقية إيطاليا ثارت من جميع الجهات منادية بالوحدة تحت راية «كاريبالدي» إلى ملك الساردو ، فأما الممالك الشمالية فعقدوا مجامع في عدة مدن للتدبير في أمرهم واستقر أمرهم على الإتحاد ورضيت به الأمة فانخلع ملوكهم طوعا وسلمت ممالكهم إلى ملك الساردو.
وأما الجهة الوسطى : وهي مملكة رومية فخرج منها ولايتان اتحدتا مع بقية إيطاليا وبقيت مدينة رومة وما تبعها للبابا ، لأن الفرنسيس أبى على الساردو إذاية البابا حيث أن الرهبان لهم نفوذ على العائلات العالية في فرنسا والأمبراطور يتقي جانبهم ، فألزم الساردو الحيادة عن البابا وأرسل الفرنسيس إلى رومة لحماية البابا من ثورة رعاياه قسما من العساكر الفرنساوية وأسطولا على مرسى شيفي تافيكيا.
وأما الجهة الجنوبية : فثار أهلها أيضا ونادوا بالوحدة تحت راية «كاريبالدي» ثم وردت لهم عساكر الساردو واشتدت الحرب مع ملك نابلي إلى أن قهر وفر هاربا وتمت وحدة إيطاليا بذلك سنة ١٢٧٧ ه سنة ١٨٦٠ م ، وقبل فيكتور امانويل الثاني الملقب بملك إيطاليا غير أنه بقي خارجا عنها بقية مملكة رومية وولاية فينيسا التي تحت النمسا ، لأن إمبراطور الفرنسيس في الحرب المار ذكرها استشعر بأن الروسيا تريد الإعلان بالحرب ضده إذا طالت المدة ، فعجل بإيقاع شروط الصلح مغتنما بهرجة النصر بما أمكن وبذلك وحماية البابا لم تتم منّة الفرنسيس على إيطاليا ، ثم ابتنت على قاعدة الوحدة الجنسية المار ذكرها دعوى ألمانيا التي كانت إذ ذاك تحت رياسة النمسا الحق في الإستيلاء على ولايتي «الهولستين» و «الشولسويغ» اللتين هما من جنس الألمان ، وولايتهما كانت بالوراثة راجعة إلى ملك الدانيمرك وأجرى فيهما قوانين مملكة الدانيمرك ، فادعت ألمانيا بلزوم إخراجهما ولحوقهما بألمانيا وأعلنت بسبب ذلك الحرب بين دولة النمسا صاحبة الرياسة ومعها دولة البروسيا التي هي أكبر دول ألمانيا ، وبين دولة الدانيمرك الصغيرة واستغاثت هاته بكبار دول أوروبا ، وكانت دولة إنكلترة مع مصاهرة عائلتي الملك بينها وبين الدنمرك مسلمة بالحق للدنيمرك ومتيقنة بأن حرب ألمانيا معها مضر بالآخرة بالموازنة الأوروباوية ، حتى قال اللورد «بالمنستور» كبير وزراء إنكلترة إذ ذاك : «إن هاته شرارة ألقيت في أوروبا لا تلبث أن تشتعل منها نارا» ، غير أنه أحجم عن العمل لأن فرنسا كانت مخالفة له وممضية لقاعدة