والثانية : ما يتعلق بإجراء الأحكام الشخصية. فكل منهما إدارة مستقلة عن الأخرى ولا دخل لها فيها وكل من الإدارتين راجعة إلى رئيس الدولة وهو الملك ، فدولة إيطاليا دولة ملكية ولملكها إدارة السياسة العامة داخلية وخارجية ورياسة القوات الحربية برية كانت أو بحرية وعقد المعاهدات والحرب والصلح ورياسة الأحكام الشخصية وتنفيذها ، لكنه لا يتصرف في كل ذلك إلا على مقتضى قانون مرتب معلوم وملخص كلياته : أن الملك يتصرف في جميع ما تقدم بواسطة الوزراء وهو ينتخب الوزير الأول ، أي صاحب رياسة الوزراء ويكلفه بأن ينتخب هو بقية الوزراء ممن توفرت فيهم شروط الأهلية ، وبعد اختيارهم يعرضهم على الملك وهو يوظفهم في وزاراتهم وهي وزارة الداخلية والخارجية والمال والأحكام والتجارة والمعارف والنافعة والديانة والحرب والبحر. وقد يتقلد رئيس الوزراء إحدى تلك الوزارات مع الرياسة وقد يجمع بين صغارها كالتجارة والنافعة والمعارف ، وكل وزير له حدود في إدارته يكون هو المسؤول عنها.
وهناك مسائل تجتمع فيها المسؤولية على الجميع وما يستقر عليه رأي الوزراء منفردين أو مجتمعين يمضيه الملك ، وإن لم يره يعرضه على المجالس الآتي بيانها فإن وافقوا الوزراء أمضى الملك وإن خالفوهم وأصر الوزراء على رأيهم لزمهم الإستعفاء ، وينتخب الملك غيرهم. كما أنه إذا وافق الملك الوزراء وخالفهم المجلس فللملك الخيار إن شاء انتخب وزراء آخرين وإن شاء حل المجلس وأذن العامة بانتخاب غيره ، ومن حقوق الوزراء الحضور في مجلس النواب والأعيان للمناضلة عن أعمالهم ، ثم وراء أعمال الوزراء مجلسان.
أحدهما : يسمى مجلس الأعيان ، ووظيفة أعضائه عمرية وينتخبهم الملك من عموم أهل المملكة الأعيان وأعيان المتوظفين وجميع أعضاء العائلة الملكية ، إذا بلغ الرجل منهم إحدى وعشرين سنة ، ولكن ليس له رأي وصوت يقبل إلا إذا بلغ خمسا وعشرين سنة ، ولذلك لم يكن عدد أعضاء المجلس محصورا وكان مقتضى قواعدهم أن يكون من أعضائه كبراء الديانة ، لكنه لما كان البابا مضادا لملك إيطاليا حيث نزع منه السلطة المملكية كان جميع رؤساء الديانة مضادين للحكومة الطليانية ويرونها عاصية فلا يتداخلون في أمرها بل لهم سعي في إبطالها وإعادة سلطة البابا ، لكن العقلاء منهم الذين يؤثرون نفع الأمة عموما على حظوظ نفوسهم يعملون ما ذكر ظاهرا فقط قياما بوظائفهم الدينية وأما باطنهم فهو مع الدولة.
ووظيفة هذا المجلس : هو الرأي في الإحتساب على أعمال سائر المتوظفين وفصل النوازل التي يقع فيها الخصام بين المتوظفين مما يرجع إلى الوظيف واستحسان أو استقباح ما يرد من مجلس النواب بحيث لا يمضي شيء من تراتيبه إلا بعد مصادقة مجلس الأعيان عليه وهو الحاكم في الجنايات السياسية.