قصدك؟ قلت : إن دخل دولة فرنسا نحو ثلاثة آلاف مليون وقد اتفق وزراؤها ورئيس الدولة على صرف خمسة آلاف فرنك على رجل بذل في خدمة دولته والدفاع عن أمته مجموع عمره ومع ذلك لم تستطع الدولة أن تنفذ أمرها في مال الأمة إلا بعد مشورة أهل الحل والعقد وموافقتهم وبمثل ذلك لا يصرف المال إلا في وجهه لا على اختيار فرد ولا على مداراته ، ثم قام وزير الخارجية وذكر ملخصا في تجديد معاهدة تجارية مع إيطاليا وأن شرح النازلة يوفي به أخوه الذي هو أيضا عضو في المجلس ، فقام هذا العضو خطيبا نحو ساعة وذكر ملخص تاريخ التجارة بين المملكتين وأن إيطاليا أرجح تجارة من فرنسا وطلب تعديل فصول في المعاهدة السابقة فوافقوه على ذلك.
وثانيها : بلد السيفر وهي قرية على نهر السين قريبة من باريس نحو نصف ساعة في العجلة وبها معمل السيفر للخزف وبستان أنيق وقصر ملوكي.
وثالثها : بلدة «صان أكلوا» بقرب السابقة وقريبة من هيآتها ، والحاصل أنك إذا خرجت من باريس راكبا كروسة إلى فرسال فإنك ترى كأن البلاد الثلاثة المتقدمة متصل بعضها ببعض ، وينتقل من واحدة إلى أخرى بالرتل وبالكروسة وبالتراموي وبالأمنيبوس وبالبواخر النهرية سوى فرسال ، فإن النهر لا يحمل السفن إلى قربها.
ورابعها : بلدة «فونتين ابلو» التي هي أصغر من فرسال وعلى نحوها ، لكن ليس بها إلا قصر واحد ملكي وبه أثاث لنابليون الأول ، ومنها مائدة كانت أمامه وقت إعلامه بانكسار جيوشه عند تعصب أوروبا عليه وكان بيده موسى فضرب به المائدة غيظا ولا زال أثره فيها ، لكن هاته البلد تفضل غيرها بما حولها من الغابة ذات الأشجار الفائقة ، ومحيط الغابة نحو أربعين ميلا وفيها من الطرق والمقاعد ما يفرح النفوس ، وفي وسط الغابة قهاوي ومعامل لخرط تحف من أخشاب الغابة ، وفيها كثير من الصيد كبقر الوحشي وغيره والغابة متصاعدة في جبال جميلة بما كساها الله من النبات ، وفيها صخرة يعتنى بالتفرج عليها سقطت على حجارة صغيرة كانت في الوسط فصارت الصخرة تتحرك كلما حركها أحد مع عظم جرمها ، وفي الجبال عيون كثيرة ويجري حول البلد نهر فهي من منازه فرنسا المقصودة.
وخامسها : بلدة «اليون» وهي بلدة كبيرة ذات بطحاآت وبناآت أنيقة ويخترقها نهران أحدهما ، يسمى «هالرون» منحدر بسرعة وتسافر فيه البواخر بقلة. وثانيهما : نهر «السون».
ثم يجتمع النهران خارجها ويذهبان إلى البحر ، وهي متوسطة بين مارسيليا وباريس ، ومنظر الجبل الذي حولها جميل سيما جهة منتزهها المطل على النهر الأول ويصنع في مطاعم ذلك المنتزه طعام من سمك النهر الأحمر ويتغالون في ثمنه ، وعلى النهر عدة جسور في البلد أحسنها الجسر الحديد ذو القوس الواحد المعلق وسطه في أطرافه بسلاسل ، وأحسن أماكن هاته البلدة هو بطحاؤها الكبرى التي بها قصر «البورس» وقصر الحاكم ، وأهاليها يظهر عليهم الجد في الصناعة لأن هاته البلدة هي أشهر البلاد الفرنساوية بمنسوجات