فأولها : العراب العتيقة وهي مخصوصة للركوب.
وثانيها : البراذين وهي لجر الأثقال والحوافل الكبيرة للركاب.
وثالثها : المختلط من نسل المذكورات ويستعمل لكلا القسمين ، لكن أكثره لجر الكراريس.
ومنه الجميل للغاية القصوى والبغال بالنسبة إلى الخيل قليلة الإستعمال وأقل منها الحمير ، ورأيت في باريس أن الحمير الإناث الوالدات يطاف بها بكرى الصباح على الأزقة لحلب من يشتري لبنها ، وهي نظيفة حسنة ، والبقر ضخم جدا يعتنى بتسمينه للأكل ولهم على من يفوز بأكثرية التسمين جوائز ، حتى بلغ مرة وزن ثور منها نيفا وأربعين قنطارا وتستعمل للحرث أيضا ولجر الأثقال بقلة ، والغنم من النوع الذي له ذيل وذوات الألية قليلة ، وأما أنواع الحيوانات المسبعة فالظن أنه لا يوجد منها إلا الدب والذئب والثعلب والخنزير ، وأما غيرها فقد انقطع من هناك للإعتناء بقطعه مع كثرة العمران ، نعم يوجد منها مربى في الأمصار كالأسود والنمر ويتوالد الأسد ويرضع بنيه كلاب كبار لتقليل جرأته ولعدم ضعف والدته ، وأما الثعابين والحيات فهي قليلة ولا يزالون مجتهدين في قطعها فإن غابات فنتين أبلو مجعول لكل من أتى بحية منها مقدار من المال ، أما في باريس فلم أسمع بوجود عقرب ولا غيرها من الحشرات ولا خنفسة وكان ذلك لشدّة الإعتناء بنظافة الديار والطرقات حتى لا تكاد تجد في حائط ما مغرز مسمار ، وكلها متقنة الطلي ظاهرا وباطنا بالجص أو الرمل والجير سواء الظاهر والباطن مع عدم وجود الخراب في أي جهة ، نعم في الجنوب من المملكة يوجد البق والذباب وغيرهما من الحشرات وهي أيضا قليلة في المدن بالنسبة لما نعرفه في البلاد التي تشبه تلك البلاد في الحر ، وطيورها كثيرة رحالة ومقيمة ولا يصطادونها إلا في أوقات معلومة كما أنه ليس لأحد أن يصطاد إلا برخصة من الحكومة يؤدّي عليها معلوما وليس له أن يصطاد في غير أرضه المعّدة لذلك أو أراضي العامة المعدّة لذلك برخصة فيها من الحكومة أو يدخله غيره أرضه برضاه ، ومن خالف ذلك عوقب. وأنواع الصيد كثيرة وفيها من نوع الفيزان كثير.
وأما مدن فرنسا : فقاعدتها باريس وقد تقدم ذكرها وهي مائلة إلى الشمال من المملكة وبقية المملكة تنقسم إلى ستة وثمانين ولاية كل ولاية لها مدينة هي مركزها ويتبعها عدة أوطان لكل وطن مركز ويتبعه عدة أوطان صغار وهاته أيضا إلى أصغر منها ، فمجموع النوع الأول من الأوطان عدده ٣٧٠ والثاني عدده ٢٩٣٨ والثالث عدده ٣٧٥١٠ ولكل منها مدينة أو قرية هي مركزه فهي حينئذ كثيرة جدا ومن أشهرها ما تقدم ذكره منا.
وأما معادنها : فليست بكثيرة لكن منها الغني للغاية فالذهب لا يكاد يستخرج من محله وإن وجد لأنه لا يوفي بمصاريفه ، والفضة موجودة بقلة ومثلها النحاس والفحم الحجري كثير غني ، وكذلك قطران الأرض وأنواع من الحجر والرخام الأبيض ومنه الشفاف