ومن هاته العائلة «صان لويز» الذي أسر بمصر ومات بتونس وله تذكار معروف قرب قرطاجنة وذلك في حدود سنة ١٢٧٠ ه ومنهم فليب الثالث الذي حدد للأعيان سلطتهم على العامة بمجلس الشورى لكن اضمحل ذلك بميل فليب الخامس (١) إلى الأعيان ، وأشرفت فرنسا على السقوط وتداخلت فيها الدول المجاورة ونشأت مع الإنكليز الحرب المعروفة بحرب المائة سنة وكان مبدؤها سنة ١٣٣٧ وانتصر الإنكليز في كثير من الوقائع ، وتملكوا كثيرا من الجهات حتى ذات باريس مع التناصر الداخلي في فرنسا ، ثم ظهرت بنت لأحد الفلاحين تسمى جان دارك فادعت علم الغيب والتأييد الإلهي لإنقاذ فرنسا ، وساعدها الملك بتأميرها على الجيش وأظهرت شجاعة غريبة وافتكت من الإنكليز عدّة جهات ، وفي حصارها المدينة كمبيان أخذت أسيرة وحكم عليها بالحرق لأنها ساحرة ثم عقد الصلح مع الإنكليز سنة ١٤٤٤ ولم يبق بأيديهم إلا الجهات البحرية ثم أعيدت الحرب ولم تخلص فرنسا إلا سنة ١٤٥٣ ، فرتب الملك إذ ذاك كارلوس السابع الجيش المستمر تحت السلاح ، وقد كانت العادة من قبل أن الأعيان المالكين للمملكة بأهلها هم الذين يقدمون العساكر للملك فكسر كارلوس شوكتهم واعتنى بترقية المملكة في المعارف حيث كان مطلعا عليها.
وقد نقلت صناعة الطبع إلى باريس في أيامه ، وأنشأ مدرسة خاصة للطب وباستقامة سيرته نال من الفتوحات والترقي ما لم ينله غيره من ملوكهم بالحروب ، ثم في أيام هنري الثاني (٢) سنة ١٥١٠ تعصب به الكاتوليك وأغروا أمه به وقتلوا كل من ظفروا به في فرنسا من أهل مذهب البرتيستنت في يوم واحد ، ويقال إن عددهم إذ ذاك نحو سبعين ألفا وقتل الملك بيده عددا كثيرا وهو واقف متهللا في أحد رواشين قصر اللوفر ، ثم تعاقب على فرنسا الصعود والهبوط على حسب سطوة الملك واقتداره إلى أن عظمت جدا في أيام لويس الرابع عشر (٣) الملقب بالكبير المتولي سنة ١٦٤٣. وفي أيامه وأيام والده حدثت الحروب المعروفه بحروب الثلاثين سنة وانتقل لفرنسا النفوذ الذي كان للنمسا في أوروبا وظهر فيها عدة مشاهير بالمعارف ، وهو الذي أنشأ قصر «فرساي» وبساتينه ، وقصر «ليزان
__________________
(١) هو فيليب الخامس (١٦٨٣ ـ ١٧٤٦) حفيد لويس الرابع عشر ملك فرنسا. مؤسس سلالة البوربون الإسبانية. عيّن ملكا على أسبانيا سنة (١٧٠٠). المنجد ص (٥٣٧).
(٢) هو هنري الثاني ملك فرنسا (١٥١٩ ـ ١٥٥٩) في عهده اشتد نفوذ عائلة (غيز) حارب كارل الخامس وعقد صلح فوسيل سنة (١٥٥٦) مات في مباراة المصدر السابق ص (٧٣٢).
(٣) هو لويس Louis الرابع عشر (١٦٣٨ ـ ١٧١٥) ملك فرنسا (١٦٤٣ ـ ١٧١٥) ابن لويس الثالث عشر وأمه حنّة النمساوية. بدأ حكمه الشخصي بعد وفاة الكاردينال مازاران سنة (١٦٦١). فأبعد (فوكه) ، عمل على إقرار النظام والأمن أعلن الحرب على هولندا وإسبانيا واصطدم بالبابوية. بلغت فرنسا في عهده أوجها في حقول الأدب والفن والعلم ، فكان عصره عصرها الذهبي. أقام بلاطه في فرساي ، لقب بالكبير. المصدر السابق ص (٦١٨).