رسول الله صلىاللهعليهوسلم اجلس يا أخى ، فجلس أخوه ، فقال خالد : الحمد لله الذي لا إله إلا هو ، الذي بعث محمدا صلىاللهعليهوسلم ، بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، فالله منجز وعده ، ومعز دينه ، ومهلك عدوه.
ثم أقبل على أبى بكر فقال : ونحن أولا غير مخالفين لك ، ولا متخلفين عنك ، وأنت الوالى الناصح الشفيق ، ننفر إذا استنفرتنا ، ونطيعك إذا أمرتنا ، ونجيبك إذا دعوتنا ، ففرح بمقالته أبو بكر رضياللهعنه ، وقال له : جزاك الله خيرا من أخ وخليل ، فقد أسلمت مرتغبا ، وهاجرت محتسبا ، وهربت بدينك من الكفار لكى يطاع الله ورسوله وتعلو كلمته ، فأنت أمير الناس ، فتيسر رحمك الله.
ثم إنه نزل ، ورجع خالد بن سعيد فتجهز ، وأمر أبو بكر رضياللهعنه ، بلالا فأذن فى الناس : انفروا أيها الناس إلى جهاد عدوكم : الروم بالشام ، وأمير الناس خالد بن سعيد ، فكان الناس لا يشكون أن خالدا أميرهم ، وكان خالد بن سعيد من عمال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، على اليمن ، فلما قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، جاء المدينة وقد استخلف الناس أبا بكر ، فاحتبس عن أبى بكر ببيعته أياما ، وأتى بنى هاشم وقال : أنتم الظهر والبطن والشعار دون الدثار ، فإذا رضيتم رضينا ، وإذا سخطتم سخطنا ، حدثونى : أبايعتم هذا الرجل؟ قالوا : نعم ، قال : على بر ورضى من جماعتكم؟ قالوا : نعم ، قال : فإنى أرضى إذا رضيتم ، وأبايع إذا بايعتم ، أما أنكم والله يا بنى هاشم فينا لطوال الشجر ، طيبو الثمر ، ثم بايع أبا بكر بعد ذلك.
وبلغت مقالته أبا بكر فلم يبال ، واضطغن ذلك عليه عمر ، فلما ولاه أبو بكر الجند الذي استنفر إلى الشام ، أتى عمر ، أبا بكر فقال : أتولى خالد بن سعيد وقد حبس عنك بيعته ، وقال لبنى هاشم ما بلغك ، وقد جاء بورق اليمن وعبيد له حبشان وبدروع ورماح؟ ما أرى أن توليه وما آمن خلافه ، وكان أبو بكر لا يخالف عمر ولا يعصيه ، فدعا يزيد بن أبى سفيان ، وأبا عبيدة بن الجراح ، وشرحبيل بن حسنة ، فقال لهم : إنى باعثكم فى هذا الوجه ، ومؤمركم على هذا الجند ، وأنا باعث على كل رجل من الرجال ما قدرت عليه ، فإذا قدمتم البلد ولقيتم العدو فاجتمعتم على قتالهم فأميركم أبو عبيدة. وإن أبو عبيدة لم يلقكما وجمعتكما حرب فيزيد بن أبى سفيان الأمير ، انطلقوا فتجهزوا.
فخرج القوم يتجهزون ، وبلغ ذلك خالد بن سعيد ، فتيسر وتهيأ بأحسن هيئة ، ثم أقبل نحو أبى بكر وعنده المهاجرون والأنصار أجمع ما كانوا ، وقد تيسر الناس ، وأمروا بالعسكرة مع هؤلاء النفر الثلاثة ، فسلم على أبى بكر وعلى المسلمين ، ثم جلس ، فقال