أخبره والمسلمين أن مدد المسلمين آتيهم مع هاشم بن عتبة وسعيد بن عامر بن حذيم.
فخرج عبد الله بكتابه حتى قدم به على يزيد ، وقرأه على المسلمين ، فتباشروا به ، وفرحوا.
ثم إن أبا بكر رضياللهعنه ، دعا هاشم بن عتبة (١) ، فقال له : يا هاشم ، إن من سعادة جدك ووفاء حظك أنك أصبحت ممن تستعين به الأمة على جهاد عدوها من المشركين ، وممن يثق الوالى بنصيحته وصحته وعفافه ، وبأسه ، وقد بعث إلى المسلمون يستنصرون على عدوهم من الكفار ، فسر إليهم فيمن يتبعك ، فإنى نادب الناس معك ، فاخرج حتى تقدم على أبى عبيدة.
ثم قام أبو بكر فى الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن إخوانكم من المسلمين معافون مكلوءون ، مدفوع عنهم ، مصنوع لهم ، قد ألقى الله جل ثناؤه الرعب منهم فى قلوب عدوهم ، فقد استعصموا بحصونهم وأغلقوا أبوابها دونهم ، وقد جاءتنى رسلهم يخبروننى بهرب هرقل ملك الروم من بين أيديهم حتى نزل قرية من أقصى قرى الشام ، وأنه وجه إليهم جندا من مكانه ذلك ، فرأيت أن أمد إخوانكم بجند منكم يشد الله بهم ظهورهم ، ويكبت به عدوهم ، ويلقى به الرعب فى قلوبهم ، فانتدبوا رحمكم الله ، مع هاشم بن عتبة بن أبى وقاص ، واحتسبوا فى ذلك الأجر والخير ، فإنكم إن نصرتم فهو الفتح والغنيمة ، وإن هلكتم فهى الشهادة والكرامة.
ثم انصرف إلى منزله ، ومال الناس على هاشم حتى كثروا عليه ، فلما تموا ألفا أمره أبو بكر رحمهالله ، أن يسير ، فسلم عليه وودعه ، وقال له أبو بكر : يا هاشم ، إنما كنا ننتفع من الشيخ الكبير برأيه ومشورته وحسن تدبيره ، وكنا ننتفع من الشاب بصبره وبأسه ونجدته ، وإن الله تعالى قد جمع لك تلك الخصال كلها ، وأنت حديث السن مستقبل الخير ، فإذا لقيت عدوك فاصبر وصابر ، واعلم أنك لا تخطو خطوة ولا تنفق ولا يصيبك ظمأ ولا نصب ولا مخمصة فى سبيل الله إلا كتب الله لك بذلك عملا صالحا ، إن الله لا يضيع أجر المحسنين. فقال : إن يرد الله بى خيرا يجعلنى كذلك ، وأنا أفعل ، ولا قوة إلا بالله ، أما أنا فأرجو إن لم أقتل أن أقتل ثم أقتل ثم أقتل!.
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٢٧٢٩) ، الإصابة الترجمة رقم (٥٣٢٨) ، طبقات الخليفة (٨٣١) ، تاريخ بغداد (١ / ١٩٦) ، مرآة الجنان (١ / ١٠١) ، العقد الثمين (٧ / ٣٥٩) ، شذرات الذهب (١ / ٤٦) ، العبر (١ / ٣٩).